فصل: تحليل نفسي للموقف اليهودي ضد المسيح عليه السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام **


 دور المنظمات اليهودية مع الإسلام‏:‏

- إن تاريخ اليهود مع المسلمين لهو تاريخ ملئ بالتعصب من أوله إلى آخره، فنحن المسلمين قد نالنا من اليهود أذى كثير، فاليهود هم الذين حاربوا الدعوة الإسلامية منذ مهدها ، و إلى يومنا هذا بكل سلاح، و بكافة الوسائل ابتداء بما صنعوه مع النبى محمد صلى الله عليه و سلم من غدر و نقض للعهود في أحرج الظروف و أحلك المعارك، كما صنع ‏"‏بنو قريظة‏"‏ يوم الأحزاب، و لايزال غدر اليهود مستمرا، يصدق ما حكاه القران عن أخلاق اليهود التى دمغت بالغدر، و طبعت على نقض العهود تحت أفانين من الخداع ، و المبررات الكاذبة و تزييف المعاني والمفاهيم، و فلسفات الاستحلال التى يجيدونها و تجرى منهم مجرى الدم، فالعهد عند اليهود ضرورة مرحلية يعقده لأجلها، ثم ينقضه بانتهاء ظروفها ومنفعتها، وإذ يقبل اليهودى أن يعاهد مسلما ، يبقى بين العهد و النقض كالثعلب الجبان، يتلفت ويرقب الفرصة أو يوجدها لينقض تحت أمان العقد و غفلة الخصم‏.‏

وانتهاء حيث اغتصبوا -بمعاونة دول الكفر- بقعة من أرصنا المقدسة، و هى فلسطين بما فيها ‏"‏المسجد الأقصى‏"‏ و أقاموا عليها دولة لهم في عام 1948م وما بين البداية و النهاية، استمرت عداوة اليهود في أشد صورها، و كيد هم في غايته ما تكاد تنطفئ نار حروبهم إلا وأوقدوها،و أشعلوا نارها من جديد ‏[‏ بنو إسرائيل في القرآن والسنة، د/ محمد طنطاوي، صـ 11، 12، 78، بتصرف،ط/ الزهراء للإعلام العربي، الأولى، سنة1417هـ 1987م‏]‏

ونظم اليهود أنفسهم، نشطوا لمحاربة الدعوة الإسلامية، و سلكوا كل طريق لإطفاء نورها و إخماد سلطانها، و ليس من قبيل المبالغة أن نؤكد أن اليهود لم يتركوا وسيلة من شأنها تعطيل سير الدعوة الإسلامية إلا و لجوها، أو بادرة يستطيعون معها الطعن في الإسلام و نبيه محمد صلى الله عليه و سلم إلا استغلوها، و من ذلك ‏:‏

1ـ مسلك المجادلات الدينية و المخاصمات الكلامية ، كجدالهم للنبى صلى الله عليه و سلم في شأن نبوته بقصد الطعن فيها، و جد الهم مع النبى صلى الله عليه و سلم في شأن إبراهيم و ملته، وجدالهم في نبوة عيسى عليه السلام، وجدالهم في قضية النسخ، وجدالهم في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام -الخ

2ـ تعنتهم في الأسئلة بقصد إحراج الرسول عليه الصلاة و السلام‏.‏

3- محاولتهم الدس و الوقيعة و إثارة الفتنة بين المؤمنين، فيما بين الأوس و الخزرج أو فيما بين المهاجرين والأنصار‏.‏

4-محاولتهم رد المسلمين عن دينهم بطريق الخداع و التلبيس‏.‏

5- تلاعبهم بأحكام الله تعالى و محاولتهم فتنة الرسول صلى الله عليه و سلم عند تقاضيهم إليه‏.‏

6- تحالفهم مع المنافقين ضد المسلمين‏.‏

7- تحالفهم مع المشركين، وشهادتهم لهم بأنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا‏.‏

8- إيذاؤهم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالقول القبيح و الخطاب السيئ‏.‏

9- إستهزاؤهم بالدين و شعائره‏.‏

10-محاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع ‏:‏ بنو إسرائيل في القرآن والسنة ، صـ 135-240‏.‏‏]‏

و لقد استخدم اليهود في ذلك صورا متعددة منها الهمس المشكك، و التشكيك المبطن ، و التآمر الخفى، فالنفاق الملتوى، فالحرب السافرة‏.‏ ‏[‏ القوى الخفية، صـ 66،بتصرف،‏]‏

لقد ظل اليهود يعملون على بث الفتن، و انتشار العداوات، و القاء التهم، و وضع العراقيل، و إثارة الحروب، لقد ظلت اليد الخفية لليهود- المتمثلة في جمعياتهم السرية القديمة- تعمل بكيد و مكر - بعد وفاة النبى-صلى الله عليه و سلم- فكانت لهم يد في ردة المرتدين، و مانعى الزكاة الناكثين، ومدعى النبوة الكاذبين، و ظلت دسائسهم تحاك بليل، و تنفذ بكيد في خفية من النهار، و ذلك في خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، و كذلك في خلافة ‏"‏ عمر بن الخطاب‏"‏ رضى الله عنه ، الذى كادت أن تختفى فيه تلك الفتن، و ذلك بسبب إجلائهم، في خلافته ‏"‏رضى الله عنه ‏"‏ عن الجزيرة العربية، و لكنهم بعد إجلائهم أرادوا أن يثأروا لأنفسهم ، فلم يتم لهم ذلك عن قرب، فخططوا له من بعيد، و دبرت المؤامرة لقتل فاروق الأمة ‏"‏ عمر من الخطاب‏"‏ رضى الله عنه ، بالاتفاق مع المنافقين، و بمعاونة ‏"‏ أبى لؤلؤة المجوسى‏"‏ الذى توعد أمير المؤمنين ‏"‏ عمر بن الخطاب‏"‏ و عزاه ‏"‏كعب الأحبار‏"‏ في نفسه قبل موته بثلاث، فلما سأله عمر في ذلك ، قال كعب، نجده مع صفتك في التوراة، و نفذت المؤامرة في صلاة الفجر ، بطعن أمير المؤمنين ‏"‏ عمر بن الخطاب‏"‏ ليكون شهيدا في المحراب‏.‏ ‏[‏ تعصب اليهود،صـ 249-250بتصرف‏.‏‏]‏

ولم تنته فتن اليهود، و لم ينقطع عداؤهم للإسلام و لا للمسلمين، و لن ينتهى طالما وجد على ظهر الأرض يهودى حيا، ولا يؤمن لليهودى شر ما بقيت له قدرة على فعله، و لانعرف لهذه النقمة الدفينة علة إلا انحراف أصحابها عن الجادة، و ذلك أنهم لما عجزوا عن ضرب الإسلام في الميادين المكشوفة، و خاب أملهم في تحقيق أى نصر، نفثوا سموم حقدهم في مؤامرات مقيتة تحت ستار الإسلام نفسه، و ذلك عن طريق النفاق، و تأسيس الجمعيات السرية اليهودية، حيث تظاهر بعضهم بالإسلام، و هو في نفس الوقت يضمر الكيد له، و من ذلك ما عرف عن ‏"‏ ابن سبأ ‏"‏ -عليه لعنة الله- الذى ادعى الإسلام في السنة السابعة من خلافة ‏"‏عثمان بن عفان رضىالله عنه‏"‏، لقد أسلم و هو حاقد على الإسلام و المسلمين ، و يدعى ‏"‏ عبد الله بن سبأ‏"‏ المشهور بـ ‏"‏ابن السوداء‏"‏ لقد استطاع ذلك الخبيث أن ينفخ في رماد الفتنة حتى أشعلها نارا متأججة، و ضرب على الوتر الحساس لدى حدثاء الإسلام و ضعفاء الإيمان ، و بدأ يفتل غزله و يمد حبله شرق البلاد و غربها حتى استطاع أن يجمع أنصارا كثيرين لفكرته الخبيثة المبنية على القول برجعة التبى صلى الله عليه و سلم إلى الحياة الدنيا بعد موته، مستندا على الفول برجعة ‏"‏عيسى ‏"‏ عليه السلام، و كان يقول‏:‏ ‏"‏ العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع و يكذب بأن محمدا يرجع‏"‏‏.‏

ويستدل على ذلك بتأويل خاطئ لقوله تعالى‏{‏إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد‏}‏‏[‏ سورة القصص‏:‏ 85‏]‏

يقول عند ذلك ‏:‏ فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، فيقبل منه هذا الكلام السذج والبلهاء، وهوكلام لا يتمشى مع القرآن، وكذلك قال بالوصية بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبي طالب رضي الله عنه خاصة، ولآل البيت عامة من بعده، مستغلا عاطفة الناس تجاه آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كما أثار الناس على ‏"‏عثمان رضي الله عنه‏"‏ ، وأخذ ينتحل له الاتهامات ويختلق له المظالم، ويكيل له في الأخطاء، وأخذ الخبيث يطعن علنا في خلافته، واتهمه بالظلم، ونادى بالخروج عليه وعلى ولاته في الأقاليم، مظهرا ناحية أخرى حساسة لذي المسلمين هي‏:‏ الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر، فذلك أمر من صميم إلاسلام وبه كان المسلمون خير أمة أخرجت للناس، وبذلك حرك الفتنة بتأليب الناس على‏"‏عثمان‏"‏ رضي الله عنه، وكاتب الأمصار ، واتخذ أشياعا له فيها، وحرض البلدان ، وأغضب الناس على أميرهم، وسمع له كل مفتون موتور، وصانع بعض أهل المدينة، و كتب الكتب زورا باسم ‏"‏علي‏"‏ إلى مصر، وباسم ‏"‏طلحة‏"‏ إلى البصرة وباسم ‏"‏الزبير‏"‏ إلى الكوفة، لتحريض الناس على الخليفة وعماله، وكان لهذه الكتب فعل السحر في نفوس الناس خصوصا في مصر، ولم يفتأ- ذلك الملعون- عن إضمار الكيد للإسلام وأهله، ولم يقنع هو ومن وراءه بمقتل ‏"‏عثمان‏"‏ وإثارة الفتن، لأنهم يريدون ما هو أكبر من ذلك من قضاء على الإسلام وإجهاز عليه، حتى تخلو لهم الساحة وحدهم‏.‏

فبعد مقتل‏"‏ عثمان‏"‏ عمل اليهود على فرقة بين المسلمين ، وصلت إلى حد الاصطدام المسلح العنيف، في موقعتي‏"‏ صفين‏"‏ والجمل‏"‏ هذا فضلا عن الطوائف المختلفة التي نشأت عن تلك الفرقة، ففرقت وحدة المسلمين، وجعلت شملهم بددا، ولم يكتف‏"‏ابن سبأ‏"‏ بذلك حتى أظهر دعوة جديدة - بعد قوله بأحقية على بالخلافة وكذلك بالوصاية له من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، والزعم بأن عليا خاتم الأوصياء، كما أن محمدا خاتم الأنبياء، وبعد القول بالرجعة، فراح يزعم ألوهية ‏"‏على ابن أبي طالب‏"‏ رضي الله عنه، وقال له ‏:‏ أنت أنت ، أو ‏"‏أنت الله‏"‏ و‏"‏أنت ‏'‏إله حقا‏"‏ فنفاه على إلى المدائن ولما قتل علي رضي الله عنه قال عنه‏:‏ إنه لم يمت ، ولم يقتل ‏"‏ابن ملجم‏"‏ إلا شيطانا في صورة علي، وعلي في السحاب، والرعد صوته، والبرق تبسمه، وأنه سينزل بعد هذا إلى الأرض ويملؤها عدلا‏.‏

وقال‏:‏ كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصا مصلوبا شبهوه بعيسى، وكذلك القائلون بقتل علي، رأوا قتيلا يشبه عليا، فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء وسينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه‏.‏

وقال المحققون‏:‏ ‏"‏ إن ‏"‏ابن السوداء‏"‏ كان على هوى دين اليهود،وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده، لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى عليه السلام، وانتسب إلى الرافضة حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر، ودس ضلالته في تأويلاته، هذا إن لم يكن هو رأس الرافضة، وأساس فكرها ، ومخترع مذهبها‏.‏

وقرن المستشرق‏"‏ فلهوزن‏"‏ بين السبيئية الرافضة باعتبار السبئية الاسم الأقدم للرافضة، وقال‏:‏ إن السبئية تستمد فكرتها من اليهودية لأن الأخيرة هي التي تقول بأن لموسى خليفة هو‏"‏ يوشع‏"‏ وأن لكل نبي خليفة يعيش إلى جانبه أثناء حياته، ويخلفه بعد مماته،، وقد قال السبئية بأن عليا هو خليفة محمد، غير أن اليهود يطلقون اسم النبي أيضا على الخليفة ، بينما يطلق عليه السبئية اسم الوصي أوالمهدي او الإمام‏.‏

وقال المستشرق‏"‏جولد تسيهر‏"‏‏:‏ إن فكرة الرجعة التي روج لها ‏"‏ابن سبأ‏"‏ يهودية مسيحية، فعند اليهود والنصارى أن النبي ‏"‏إيليا‏"‏ قد رفع إلى السماء، وأنه لا بد أن يعود إلى الأرض في آخر الزمان لإقامة دعائم الحق، والعدل، ومن ثم كان ‏"‏إيليا‏"‏ هو النموذج الأول للإمام ‏"‏علي‏"‏ المختفي الذي قال به ‏"‏ابن سبأ‏"‏ والذي سيعود يوما ليهدي الناس وينقذ العالم‏"‏‏.‏‏!‏‏!‏‏[‏ راجع بتوسع، جنايات بني إسرائيل على الدين والمجتمع، صـ 319، 327، العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابةبعد وفاة النيي صلى الله عليه وسلم للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي صـ 76-144، تحقيق /محب الخطيب، ط/ دار الكتب السلفية‏.‏

-البداية والنهاية لابن كثير ،ج7، صـ 187-207،صـ 246-267‏,‏ القوى الخفية، 64-71، اليهودية، د/ أحمد شلبي، صـ 325‏.‏

-المخططات التلمودية، صـ194-195، مكايد يهودية عبر التاريخ، د/ عبد الرحمن حسن حبنكة، صـ 150- 157، ط دار القلم / دمشق ‏(‏ الخامسة‏)‏ 1405هـ/ 1985م

-موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهودية ،د/ عبد المنعم الحفني، صـ 121-124،ط/ مكتبة مدبولي، بدون ذكر الطبع والتاريخ‏.‏‏]‏

بمثل هذه الأساليب أخذت القوى الخفية تعمل عملها في ضرب الإسلام والمسلمين فأسسوا مدرسة - بل مدارس- يدسون على النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث المكذوبة، التي عرفت بالموضوعة، كما أخذوا يؤولون القرآن، ويزعمون أن له ظاهرا وباطنا، وقالوا بالإسرائيليات ونشروها، كما قالوا بالتناسخ، والاتحاد والحلول، ووحدة الوجود، وزعموا خلق القرآن ، ووضعوا أسس الحركات الباطنية في الإسلام، وجرى اتصال الخبر بأن ‏"‏الاعتزال‏"‏كان له صلة باليهود، ولقد انتشر اليهود المتمسلمون ‏"‏المنافقون‏"‏ في المساجد ينفثون سمومهم ، وذلك بطرح أسئلة تشكيكية ظاهرها برئ وباطنها سم رعاف، نشأت على إثرها فرق كالقدرية والجبرية وغيرهما من فرق الضلال‏.‏ ‏[‏ القوى الخفية، صـ 69-71، بتصرف، والمخططات التلمودية، صـ 120، بتصرف‏.‏‏]‏

حتى إن تخليص الكتب الإسلامية من الإسرائيليات وهذه الانحرافات الفكرية لأمر تنوء به كواهل عشرات الجماعات من أولى العزم‏.‏

لقد حرص اليهود في مخططاتهم ومنظماتهم - خاصة في جانب الغزو الثقافي- أن تحل المفاهيم اليهودية التلمودية محل المفاهيم القرآنية إلاسلاميه‏.‏ ‏[‏المخططات التلمودية، صـ 109-120،بتصرف‏.‏ ‏]‏

ولقد استمر عداء اليهود للإسلام والمسلمين على مدى الأيام والأزمنة ، ما ينتهي أو يقل، بل يزيد ضراوة ويشتد حنقا، وصدق الله العظيم القائل‏:‏ ‏{‏لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا‏}‏ ‏[‏ سورة المائدة‏:‏ 82‏]‏ يعادون الإسلام تارة في العلانية وتارات في الخفاء، مرة موجهة وأخريات من وراء ستار،حينا بالقوة والسلاح، وأحيانا يبث الفساد، وإشاعة الفاحشة وغزو المسلمين بما يدمر الأخلاق، وما يفسد الدين ويضيع الأمة فكريا، وسياسيا، واقصاديا، وعسكريا ‏.‏‏.‏‏.‏الخ

وإن الوقائع والأحداث أكبر من أن تعد، وأكثر من أن تحصى‏.‏ ‏[‏ جنايات بني إسرائيل ، صـ 319، بتصرف‏.‏‏]‏

إن عداء اليهود قديم يتجدد مع الأيام ، ويستمر مع الزمان، حتى عصرنا الحديث وما ينتهي حتى قرب قيام الساعة، ‏"‏ولن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهودى فيختبئ اليهود خلف الشجر والحجر فينطق الشجر والحجر ، فيقول‏:‏ يا مسلم يا عبد الله ‏:‏ تعالى ورائي يهودي فاقتله إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود‏.‏‏"‏ ‏[‏ أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد، باب قتال اليهود، وأخرجه مسلم، كتاب الفتن‏.‏‏]‏

 مخططات يهودية في العصر الحديث

هدم القيم الدينية والأخلاقية هو الأسلوب الوحيد على طريق تدمير معنويات الإنسان و سلب إرادته وإعلاء غرائزه و شهواته ومطامعه حتى لاتكون عاملا أساسيا في مخطط الهدم التدمير‏.‏

ولقد سار هذا المخطط في محاورأربعة‏:‏

أولا‏:‏ هدم الأديان - لإعلاء اليهودية التلمودية- وخاصة المسيحية والإسلام‏'‏وموقفهم من المسيحية قديم قدم رسالة المسيح نفسه‏.‏فقد كان اليهود ينتظرون مسيحا يعيد لهم مملكة داود و سليمان‏'‏ فلما دعاهم إلى الآخرة أنكروه و كذبوه‏.‏‏!‏‏!‏

وكذلك كان موقفهم من النبي محمد صلى الله عليه و سلم الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل‏.‏ فقد كانوا يظنون أنه من نسل ‏"‏إسرائيل‏"‏، وكانوا يستفتحون به قبل بعثته على خصومهم، فلما عرفوا أنه من نسل ‏"‏إسماعيل‏"‏ حرفوا صفته في التوراة، وكذبوه و وتألبوا عليه كما تألبوا من قبل على عيسى -عليه السلام- و ما زالت دعواهم أن دينهم هو الدين الوحيد، و هم لذلك يعملون على تحريف المسيحية و تحريف الإسلام،

لذلك فاليهود هم أداة تخريب الأديان ،وهم يخشون الأديان كلها، لأنها تجعلهم في الدرجة الثانية‏'‏ بعد أصحاب البلاد، سواء أكانو مسيحيين في الغرب، أو مسلمين في الشرق، أوغيرهما، ولذلك اتهموا الدين بأنه يحرم الإنسان الكثير من الملذات باسم الزهد، وبمحاربتهم للدين أوجدوا الشيوعية‏'‏وقوى الشر الإلحادية،

واليهودية إذ تعبث بالأديان و كذا بالثقافات لمصلحتها‏'‏ فاليهودي يهودي قبل كل شىء، مهما تكن جنسيته، و مهما يعتنق من عقائد و مبادئ في الظاهر ليخدم يها نفسه و أمته، فهو يتجنس بالجنسية الإنجليزية أو الأمريكية أو الفرنسية مثلا، و يؤيد جنسيته طالما كان ذلك في مصلحة اليهودية، فإذا تعارضت المصلحتان لم يكن إلايهوديا، يعضد يهوديته و يضحى بجنسيته الأخرى‏'‏

واليهودي يسلم أو يتنصر نفاقا ليفسد الإسلام والمسيحية، أو يوجه تعاليم هذا الدين الجديد و تقاليده وجهة تعود بالخير على اليهود، أو تبث روح المودة لهم و العطف عليهم‏.‏

و من ناحية الثقافة هم يعبثون بالعلوم، و يسخرونها لمصلحتهم، و ذلك بإفساد الآداب والنظم والثقافات والعقول وذلك في كل أنحاء العالم‏.‏

فهم يحاولون هدم التوحيد عن طريق علم مقارنة الأديان، ويقصدون بالمقارنة بين الأديان محو قداستها، وحركة الاستشراق تقوم على بعث الكتب القديمة و الأفكار الميتة، فهى بالعربية تزحم مكاتبنا ومكتباتنا بأتفه الكتب التي لا تفيد علما، ولا تؤدب خلقا، ولا تهذب عقلا، فكأنما تؤسس المكاتب لتكون متاحف لحفظ هذه الموميات الخالية من الحياة، و التى لا يمكن أن تحيى عقلا أو قلبا أو ذوقا‏.‏

لا‏.‏‏.‏بل هى تغرى الإنسان لتفاهة محتوياتها و كثرتها و تفككها- بالنفور منها إذا كان سليم الطبع و العقل ، أوتحمله على التمسك بتفاهاتها‏'‏فتورثه الغرور الغباء و الكبرياء‏'‏ أو تعطيه المادة التي يحارب بها دينه، و كذلك يروج اليهود كل المعارف التافهة‏'‏و الشهوات و الإلحاد فينا و في غيرنا،وليلاحظ أنه من الغباء القول بأن اليهود هم القائمون بكل هذه الحركات السياسية و الفكرية الاقتصادية‏'‏لا‏.‏‏.‏فبعضها من عملهم و عمل صنائعهم، و بعضها من عمل غير هم إنسانيا أو طبيعيا،ولكنهم هم كالملاح الماهر ينتفع لتسييرسفينته بكل تيار وكل ريح مهما يكن اتجاهه ، و يسخره للمصلحته سواء كان موافقا أو معاكسا له‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ113-120، بتصرف‏.‏‏]‏ وإن أخطر ما حققته اليهودية متمثلة في أنظمتها العالمية من ماسونية و صهيونية، و أفكارها التلمودية و البروتوكولات الصهيونية، هو إقصاء الدين عن مجالات السياسة والاجتماع و الاقتصاد، وإحلال الخبرة و المنفعة الأهلية كأساس لجميع المعاملات و التنظيمات، ومن هنا جاء قبول اليهود على أساس كفاءتهم الشخصية، و إقامة النظم السياسية على أساس الوطن، لا على أساس الدين‏.‏

ولا ريب أن استطاعة التلمودية الصهيونية تحقيق هذا الهدف لمن أكبر الأعمال التى حققها اليهود في المجتمعات المسيحية، بعد أن اضطهد المسيحيون اليهود أشد الاضطهاد على مر العصور الطويلة، ولم يعترفوا بأن لهم حقوقا مدنية، و كانوا قد أقصوهم عن جميع العلاقات الاجتماعية و فرضوا عليهم الإقامة الجبرية في ‏"‏الجيتو‏"‏،* كذلك فقد استطاع اليهود أن يحرروا أنفسهم من قيد آخر و هو اتهامهم بأنهم حرضوا على قتل المسيح، وقد استطاعوا أن يصلوا في هذا الأمر إلى نتائج هامة، وخاصة ما وصل إليه الاجتماع المسكوني الثالث الذي انعقد عام 1964 م ، و الذي أصدر وثيقة تبرئ اليهود من تهمة ‏"‏قتل الرب‏"‏ و شجب أي مظهر عدائي لليهود، و قد اعتبرت الأوساط اليهودية و الصهيونية وثيقة عام 1964م كسبا سياسيا من الدرجة الأولى وسلاحا عمليا لمحاربة النزعات اللاسامية في الأوساط المسيحية‏.‏

بينما أنكر اليهود المحافظون المدنيون صلاحية الكنيسة الكاتوليكية في تبرئة اليهود‏.‏‏!‏‏!‏

بل لقد بلغ الأمر إلى أبعد من هذا حين صرح القاصد الرسولي ‏"‏الأب مركولي‏"‏ من قبل ‏"‏البابا‏"‏ حين قال‏:‏ لقد حدثت تغيرات شتى في الوقت الأخير في العلاقات بين اليهود و الحكومة الإنجليزية، و كان من شأن هذه التغيرات أن بعثت اهتمام الدول عامة بمسألة الشعب اليهودي من جديد، وبالتالي بدأ الفاتيكان يهتم بالمسألة، والبابا ينظر الآن بعين الرضا و الارتياح إلى مشروعات الصهيونية في فلسطين، وهو يراها مصدر بركات للسلام العالمي‏.‏‏!‏‏!‏

و يعتقد البابا ‏"‏بيوس التاسع‏"‏ أنه يحق للصهيونية أن يحملوا كافة الكنائس الدينية على الاهتمام بأمانيهم‏'‏ على أن أؤكد أن الكنيسة الكاثوليكية و هى أكبر كنيسة في العالم تؤيد الصهيونية و أمانيها وتقول المصادر التاريخية‏:‏ إن التقارب بدأ بعقد مؤتمر عام 1947م للمسيحية و اليهودية‏'‏ و كان قد دعا إليه فيلسوف يهودي فرنسي هو ‏"‏جول اسحق‏"‏صاحب كتاب ‏"‏عيسى و إسرائيل ‏"‏محاولا تبرئة اليهود من محاولة قتل المسيح‏'‏ كما ألف كتابا عام 1956م عن نشوء العداء للساميين ‏'‏ و له كتاب ‏"‏تعاليم الإزدراء‏"‏ حاول به إصلاح التعاليم المسيحية التى كانت تعتمد في نظره على أغلاط تاريخية‏'‏ و على جهل التوراة و الإنجيل ‏'‏ ومن مظاهر التنافر اضطهاد المسيحيين لليهود في مختلف حقب التاريخ‏'‏ و قد حذف من أدعية الجمعية المقدسة أدعية تصف اليهود بالمكر والخداع‏.‏

و قال الأسقف الألماني ‏"‏بيا‏"‏‏:‏ إن الوقت قد حان للكنيسة أن تصرح أن مسئولية قتل المسيح و تعذيبه ليست على عاتق الإسرائيلين وحدهم‏'‏ بل على عاتق سائر الشعوب ‏.‏

*‏[‏والمعروف أن الإسلام يكذب ادعاء فتل المسيح‏'‏ و يرى أن هذه محاولة لم تتم‏'‏ فقد رفعه الله إليه‏'‏ و أنه لم يقتل يقينا‏.‏‏]‏

و لقد كان من محاولات التقارب الواضحة زيارة بابا روما لإسرائيل‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ233-235، بتصرف‏,‏‏]‏

ثانيا‏:‏ تزييف التاريخ للادعاء بوعد فلسطين‏:‏ من أجل أن يحققوا أهدافهم كان عليهم تزييف التاريخ من جهات كثيرة‏'‏ منها‏:‏ الادعاء بإنكار حق آل إبراهيم من الوعد الإلهى‏'‏ و قصره على بني إسرائيل ‏'‏ و إنكار رحلة إبراهيم و إسماعيل إلى الحجاز‏'‏ و بناء الكعبة‏.‏

و تزييف دور الإبراهيمية الحنيفية في الأرض العربية الممتدة من العراق إلى مصر‏'‏ و إلى افريقيا‏'‏ و نسبة هذا الدور إلى جد أعلى هو ‏(‏سام‏)‏ و ذلك ما أطلق عليه الجنس السامي‏'‏ و اللغة السامية و غير ذلك‏.‏

وكذا تزييف تاريخ السلطان عبد الحميد ووصفه بالسلطان الأحمر‏'‏ و الحاكم المستبد‏'‏ و تأليب القوى المختلفة عليه‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ121، بتصرف‏.‏‏]‏ كما قالو بالتفسير المادى للتاريخ على طريق النظرية الماركسية‏.‏

ثالثا‏:‏ تدمير الإنسان‏'‏ و ذلك بعدة طرق‏:‏

عن طريق الأخلاق ‏(‏فرويد‏)‏، و المال ‏(‏ماركس‏)‏ والأسرة‏(‏دوركايم‏)‏

وقرروا أن السياسة لا تتفق مع الأخلاق الفاضلة، و قالوا باللجوء إلى الحيلة و النفاق ، و أمروا بالاغراء بالمال و الجنس و اللذات، و نشروا الأفكار الهدامة المنافية للأخلاق، و حرصوا على هدم الأسرة و الأخلاق و الدين ، و إشاعة الأدب المريض القذر، لإفساد الناس و كذا روجوا لكل قلم ما دامت آثاره -عن قصد أو غير قصد- يساعد على الإفساد و رفع شأن اليهود، كما فعلوا مع ‏"‏نيتشه‏"‏ و‏"‏نجيب محفوظ‏"‏ و‏"‏ سلمان رشدي‏"‏ وغيرهم‏.‏

وقد كشفت الوثائق في السنوات الأخيرة حقائق كثيرة، منها‏:‏ صلة اليهودية العالمية ‏"‏بفرويد‏"‏ و بمنهجه في علم النفس، الذي عارض به مفهوم الفطرة الإنسانية في نظريته عن الجنس أو الغريزة الجنسية و صلة اليهودية العالمية بالفيلسوف‏"‏نيتشه‏"‏ و ‏"‏دارون ‏"‏ و تأثيرهما في تطوير نظرياتهما و مفاهيمهما، بما يحقق قيام أصول و دعائم الفلسفة المادية، كما روجوا لمذهب التطور و أولوه تأويلات ما خطرت لداروين على بال، واستخدموه في القضاء على الأديان‏.‏

وما كشف عن صلة التلمودية الصهيونية‏"‏بسارتر‏"‏ و مذاهب الوجودية والهيبية‏.‏

وما كشف عن الصلة بين ‏"‏ماركس‏"‏ و اليهودية العالمية، و ما كشف عن الصداقة بين ‏"‏هرتزل‏"‏ و ‏"‏فرويد‏"‏ وهذا ‏"‏ودوركايم‏"‏ عارض مفهوم الفطرة الإنسانية في نظريته عن الجماعة و الدين‏.‏

و‏"‏أميل لدفيج‏"‏ الذي عارض مفهومه الفطرة الإنسانية في مفهوم عن العظماء،

وحين يظهر أى مبدأ أو دين أو مذهب علمي أو فلسفي يهب اليهود ليكونوا من ورائه ، و يتصرفوا معه بما ينفعهم، و كل ما كان مؤديا إلى خير لهم روجوه في كل أنحاء العالم و رفعوا صاحبه بين أساتذة الثقافة العالميين و لو كان حقيرا و قد حرص اليهود على أن يكونوا وراء كل مذهب و فلسفة و نظرية و كل نشاط ضد الإنسان و الإنسانية‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ 127، صـ 250، بتصرف‏,‏‏]‏

منظمات يهودية لها دور في انحطاط الأخلاق‏:‏ قام بها ثلاثة من اليهود - على رأس الجميع- و هم ‏"‏ماركس، و فرويد ،ودوركايم‏"‏ في علم الاجتماع، و لكنهم في النهاية يلتقون في عدة أمور‏.‏لقد أخذوا كلهم- بادئ ذي بدء- من النظرية الداروينية فكرة حيوانية الإنسان و ماديته، فمدوها و وسعوا نطاقها و عمموا إيحاءاتها المسمومة في كل اتجاه‏.‏

و لسنا بصدد مناقشة هذه النظرية فهى هابطة ساقطة، أبوها الكفر، وأمها القذارة، و حسبنا أن ندرك أنها ذات إيحاء قوي بحيوانية الإنسان، و اليهود الثلاثةلم يأخذوا على عاتقهم رد أوربا إلى صوابها بعد هزة التطور، و إنما أخذوا على عاتقهم أن ينفخوا في انحرافاتها بقوة و عنف ‏.‏

فأما ماركس الذي كان ميدان بحثه علم الاقتصاد، فقد رسم دستورا للحياة البشرية تنحصرفي نطاق المطالب الرئيسية للإنسان‏:‏ المأكل و المسكن و الإشباع الجنسي ، أما الدين و الأخلاق و التقاليد فهى السخرية العظمي في نظر ماركس‏.‏ ‏[‏ التطور والثبات للأستاذ محمد قطب، صـ 37-40، بتصرف‏.‏‏]‏

وفي ظل التفسير المادي للتاريخ لا يوجد الله، ولا الوحي، ولا الرسالات، فحقيقة العالم تنحصر في ماديته - كما يقول ماركس- والقيم الأخلاق إنما هى مجرد انعكاس للوضع الاقتصادي‏'‏ و من ثم ليس لها وجود أصيل في الحياة البشرية، فضلا عن كونها غير ثابتة ، فهي متطورة بحسب التطور الاقتصادي الذي تمر به البشرية، و لما كانت الأطوار الاقتصادية للبشرية حتمية و متعاقبة، فالقيم الخلفية تأخذ أوضاعا محددة و متطورة، و هى حتمية التطور مع تطور أوضاع البشرية، و إلى هنا يتضح المقصود من النظرية، في أوضح صورها و أصرحها، ‏(‏لادين‏)‏ فالدين أسطورة ابتدعها أصحاب المصالح هنا في الأرض، ولاعلاقة له بالسماء، ولا رصيد له من الحقيقة ولا قيم ولا أخلاق، إذ القيم ليس لها وجود ذاتي إنما هي انعكاس للأوضاع الاقتصادية‏'‏ و ليس لها ثبات‏'‏ لأن مصدرها و هي الأوضاع الاقتصادية دائم التغيير، ثم هى حتمية التطور، فلا يمكن الإمساك بها على وضع معين مهما حاول المحاولون من المفكرين أو من دعاة الدين‏.‏‏!‏‏!‏‏!‏

أما‏"‏فرويد‏"‏ فلم يأخذ من ‏"‏دارون‏"‏ جانب التطور و إنما أخذ عنه حيوانية الإنسان، فيزعم أن حقيقـة الإنسان الباطنية العميقة ليست هى الطاقة الشهوانية فحسب، وإنما هى على وجه التحديد ‏"‏الطاقة الجنسية‏"‏ الجنسية بالذات دون أي طاقة أخرى من طاقات الإنسان أو الحيوان ، فالحياة عنده كلها جنس و منبثقة من خلال الجنس‏.‏‏!‏‏!‏

و الجنس يبدأ مبكرا جدا‏.‏‏.‏‏.‏ لافي مرحلة البلوغ أو المراهقة كما يحسب الجهلاء من الناس‏'‏و إنما من لحظة الميلاد، بل يولد الإنسان جنسا خالصا مركّزا في إهاب طفل حيواني صغير ‏.‏ كل أعمال الطفل تعبير عن طاقة الجنس ‍‍‍‍‍‍‍‏'‏ الرضاعة جنس ، و مص الإبهام جنس، وتحريك العضلات جنس‏'‏ حتى التبول و التبرز جنس، والالتصاق بالأم جنس‏.‏

فالطفل يعشق أمه بدافع الجنس، ثم يجد الأب حائلا بينها و بينه فيكبت هذا العشق، فتنشأ في نفسه عقدة ‏"‏أوديب‏"‏ و الطفلة تعشق أباها بدافع الجنس كذلك ثم تكبت هذا العشق فتنشأ في نفسها عقدة‏"‏إلتكترا‏"‏ ومن هذه العقدة اللعينة ينشأ الضمير و الدين الأخلاق و التقاليد‏'‏ و كل‏"‏القيم العليا‏"‏ في حياة البشرية‏.‏

واضح مدى تلويث فكرة الدين الأخلاق و التقاليد‏'‏ و تقذيرهافي نفوس الناس بغمسهافي مستنقع الجنس المستقذر في أوربا المسيحية‏'‏وإخراجهامنه يتقاطر منها نقيع الجنس المكبوت ‏.‏

حيث جاء في كتاب بورتوكولات حكماء- أو خبثاء- صهيون ‏:‏‏"‏يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا‏'‏ إن ‏"‏فرويد‏"‏ منا و سيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس‏'‏ لكي لا يبقى في نظر الشباب شىء مقدس‏'‏ و يصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية‏'‏ و عندئذ تنهار أخلاقه ‏'‏ إن هناك هدفا مزدوجا يتم في نفس الوقت‏'‏ فالجنس ينظف ليستباح‏'‏ لتنطلق الغرائز‏"‏ المكبوتة ‏"‏لينطلق الشباب كالبهائم دون أن يحسوا في ضميرهم لذعا‏'‏ ولا في نفوسهم ندامة‏'‏ ولكن في الوقت ذاته يقذر الدين والأخلاق و التقاليد بتصويرها نابعة في الأصل من الجنس المستقذر حينئذ في النفوس‏!‏‏!‏

أي أنه عملية إبدال دقيقة خبيثة بشعة‏'‏‏.‏‏.‏ فينـزل الدين والأخلاق إلى مكان الجنس المستقذر‏'‏ و يرتفع الجنس إلى مكان الدين و الأخلاق في النظافة و التقديس‏!‏‏!‏ ولست هنا بصدد مجال المناقشة مع فرويد‏'‏ و إنما هو ذكر حقائق حول التفسير الجنسي للسلوك البشري‏.‏ ‏[‏ الإنسان بين المادية والإسلام، للأستاذ محمد قطب، صـ19-20، بتصرف‏,‏‏]‏

وأما ‏"‏دور كايم‏"‏ صاحب علم الاجتماع فإنه يقرر أن الدين ليس فطريا وكذلك الزواج و الأسرة و القواعد الخلقية لا وجود لها‏!‏‏!‏ والأخلاق ليست قيمة ذاتية ‏'‏ و لا هى ثابتة على وضع معين وإنما تأخذ صورتها من المجتمع الذي توجد فيه‏'‏ فإن ‏"‏المجتمع‏"‏ هو الأصل في كل الظواهر الاجتماعية و ليس ‏"‏الإنسان‏"‏‏!‏‏!‏

و لقد أخذ ‏"‏دوركليم‏"‏ كثيرا عن ‏"‏دارون‏"‏ أخذ عنه بادئ ذي بدء فكرة التطور الدائم الذي يلغي فكرة الثبات ‏'‏ وأخذ عنه فكرة ‏"‏القهر الخارجي‏"‏ الذي يقهر الفرد على غير رغبة ذاتية منه فيطوره‏'‏ و أخذ عنه التفسير الحيواني للإنسان‏'‏ فهو لا يفتأ يستشهد في كل حالة بما يحدث في عالم الحيوان‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ 40- 49، بتصرف‏.‏‏]‏

التطور والعداء للدين والأخلاق‏:‏ و من حصيلة هذا كله حدثت حركات ضخمة في المجتمع الغربي في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين لقد التقت توجيهات اليهود الثلاثة، وغيرهم بطبيعة الحال ، ولكنهم في المقدمة - حيث التقوا عند نقط رئيسة، متصلة و متصاحبة، و القيام بهذه الحملة باسم‏"‏العلم‏"‏ و ‏"‏البحث العلمي‏"‏ والربط بين هذا التحلل الديني و الانحلال الخلقي و بين ‏"‏التطور‏"‏ والإيحاء بأن هذا التحلل و الانحلال أمر ‏"‏حتمي‏"‏ لأن التطور حتمي لا قبل لأحد بوقفه عن طريقه المحتوم‏!‏‏!‏

تفول بروتوكولات حكماء - خبثاء- صهيون‏:‏ ‏"‏لقد رتبنا نجاح ‏"‏دارون‏"‏ و ‏"‏ماركس‏"‏ و‏"‏نتيشه‏"‏ بالترويج لآرائهم، و إن الأثر الهدام للأخلاق الذي تنشئه علومهم في الفكر غير اليهودي واضح لنا بكل تأكيد‏"‏‏.‏

ونتيشه فيلسوف ألماني نادي في تشنج بفكرة ‏"‏الإنسان الأعلى‏"‏ و ‏"‏موت الإله‏"‏‏!‏‏!‏ و هو يعفي هذا الإنسان من التقيد بالأخلاق المسيحية لأنها أخلاق الأذلاء، ومن ثم تجد فيه ‏"‏بروتوكولات حكماء صهيون‏"‏بغيتها المنشودة‏.‏‏!‏‏!‏

و لقد حدث بالفعل ذلك الأثر الهدام للأخلاق‏'‏ وسرت في الجماهير لوثتان معا في ذات الوقت، لوثة التطور، و لوثة العداء للدين والأخلاق‏.‏

لقد صارت ‏"‏الموضة‏"‏ هى التطور و ما لايتطور بذاته ينبغي أن يطور بالقوة‏!‏

إنه لا ينبغي أن يظل شىء على الإطلاق ثابتا في كل الأرض، لا الدين، ولافكرة ‏"‏الله‏"‏ ولا الأخلاق، ولاالتقاليد ولا القيم ، ولا الروابط الاجتماعية، لاشىء على الإطلاق‏!‏ ينبغى أن نتطور، و أن نتحرر من السكون الميت و الثبات المعيب‏:‏ ينبغى أن نحطم قيود الأخلاق فهى قيد يعوق التطور، و قد تقيدنا بها في الماضى في المجتمع الزراعى، فينبغى أن نطرحها اليوم في المجتمع الصناعي المتطور ‏(‏ماركس‏)‏ أو تقيدنا بها نتيجة الجهل الخطير بحقيقة النفس الباطنية‏,‏ وبأن الأخلاق ‏"‏كبت‏"‏ ضار بكيان الإنسان ‏"‏فرويد‏"‏‏.‏

أو تقيدنا بها جهلا منا بأنه لا توجدحقيقة ثابتة للقيم الخلقية‏'‏ و إنما هىتتطور بتطور الإنتاج‏"‏ماركس‏"‏ أو بتطور حالة المجتمع‏"‏دوركايم‏"‏ ‏.‏

وينبغى أن نحطم الدين فهو قيدآخر يعوق التطور، و قد ورثناه من أسلافنا في عماية وجهالة وجمود و تأخر، و قد كان هذا كله يناسب المجتمع الزراعي المتأخر‏'‏ و نحن اليوم في المجتمع الصناعي المتطور الذي لا يطيق هذه الخزعبلات‏(‏ماركس‏)‏، أو قد كان هذا يناسب عصر الجهالة السابق، يوم كنا نظن الدين شيئا له قداسة، منزلا من السماء، قبل أن نعرف أنه كبت جنسي ضار، مؤذ، منفر ‏(‏فرويد‏)‏ أو يوم ظننا- خطأ منا وجهالة - أنه فطرة إنسانية ‏"‏دور كايم‏.‏

ينبغي أن ننشئ أنفسنا إنشاء في المجتمع الجديد، المتطور ، المتحرك‏'‏الوثاب، ينبغي أن ننطلق مع وثباته الظافرة بلا دين، بلا خلق، بلا تقاليد‏'‏ فهذا هو السبيل الوحيد للتقدم الصحيح ‏"‏اليهود الثلاثة‏"‏

المرأة والجنس‏:‏ حيث تركزت الفتنة كلها في ‏"‏ تحرير المرأة‏"‏ على حد تعبيرهم، فقد كانت القوى الشريرة كلها التى تعمل في الأرض تعلم أنه لا وسيلة لإفساد الأمم كلها إلا أن تخرج المرأة إلى الطريق فتنة للرجل لكي تفسد أخلاقه وتنهار، ينبغى بأى ثمن أن تخرج المرأة إلى الطريق، تخرج بحجة الاستقلال الاقتصادى، تخرج بحجة ممارسة حقها في الحياة، تخرج بحجة التعليم، أو بحجة العمل، تخرج للاستمتاع‏!‏‏!‏ المهم أن تخرج و لكن أهم من ذلك أن تخرج في صورة إغراء،لا أنها محتشمة أو متحفظة أو محافظة على أخلاقها ، و دينها، أو مع الرغبة في العودة إلى البيت والاستقرار، لا‏.‏‏.‏بل ينبغى أن تخرج المرأة في صورة تفتن الرجل و تغريه ، وإلا فما الفائدة‏؟‏

و لكن كيف السبيل‏؟‏ السبيل هو الدعوة إلى ذلك، يكتب الكتّاب‏'‏ و يكتب الصحفيون ، و يكتب القصاصون، السبيل هو السينما‏'‏ تمثل الأفلام الداعرة العارية الداعية إلى الفساد، السبيل هو الإذاعة والتليفزيون على التوالي السبيل هو بيوت الأزياء، و صناعة أدوات الزينة‏.‏‏.‏ الخ

السبيل- بكل سبيل- هو إيجاد صورة من ‏"‏الحياة الاجتماعية‏"‏ لا تستغني عن المرأة الفاتنة المغرية بهجة المجتمع، و إيجاد تصور للحياة لا يستغنى عن المرأة الفاتنة المغرية لتشارك الرجل في حمل الأعباء، و إيجاد واقع عملى لا يستغنى عن المرأة الفاتنة المغرية كجزء واقعى من الحياة، ووجد كل ذلك بالفعل‏.‏

و استراحت القوى التى تعمل لإفساد البشرية‏.‏‏.‏ و طلبت المزيد، و جاء المزيد قصدا أم عرضا‏؟‏ بالحربين العالميتين حيث قتل في الحرب الأولى عشرة ملايين من الشباب و في الثانية حوالى أربعين ووجدت بعددهم أسر بلا عائل، و نساء بلا رجال، و خرجت المرأة - راضية ومكرهة تعمل و تبحث عن الجنس، وحدث مزيد من ‏"‏التحرر‏"‏ و من انحلال الأخلاق‏.‏ ‏[‏ انظر بتوسع كتاب‏:‏ محاكمة اليهود،د/ سعد المرصفى، صـ 67-97، ط/مكتبة المنار الإسلامية ، الأولى، 1413هـ/ 1992م‏.‏‏]‏

و قد جاء في البروتوكول الأول حول هذا ‏:‏ ‏"‏ إن الشعب المسيحي أضحى متبلد الذهن تحت تأثير الخمر، كما أن الشباب قد انتابه العته لإنغماسه في الفسق المبكر الذي دفعت إليه أعواننا من المدرسين و الخدم و المربيات و النساء اللواتى تعملن في أماكن اللهو، و نساء المجتمع المزعومات اللواتي يقلدنهن في الفسق والترف، و كانوا ينقلون مراكز قياداتهم السرية و نقاط تركيز نشاطهم من فرنسا إلى انجلترا ثم أمريكا حسب تطور تلك القوى وقدرتها على التأثير في الأحداث الدولية، و هكذا كان محط رحالهم الأخير في الولايات المتحدة الأمريكية، فهى القوة العالمية الناهضة التى ستكون أكثر القوى فاعلية في الأحداث الدولية‏.‏

وتتابعت جموع اليهود يتدفقون على الولايات ليل نهار في كتل بشرية متتابعة، وكثير من المكاتب اليهودية تزوّر جوازات سفر لليهود ، فالمهاجرون إلى نيويورك قلما يكونون من غير اليهود، و هم يتظاهرون بأنهم بولنديون أو روس أو ايرلنديون ‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏

ولم يكن زعماء الولايات المتحدة الأمريكيون مدركين للخطر الذي حذرهم منه ‏"‏بنجامين فرانكلين‏"‏ أحد زعماء الاستقلال ، كما أنه استطاع اليهود باتباعهم لجميع الطرق الملتوية أن يسيطروا على الولايات المتحدة، و معها هيئة الأمم التي يشغلون فيها أهم المناصب ، حتى إن المرشحين للرئاسة في ولاية أو الولايات المتحدة في أمريكا ليتبارون لكسب ود أصغر يهودي‏!‏‏!‏

و قد لانغالى إذا قلنا‏:‏ لقد أصبحت الولايات المتحدة ‏"‏ربيية إسرائيل‏"‏ و ليس العكس، و إن رئيس وزراء إسرائيل هو الذي يرجح كفة المرشح ليغدو رئيسا، و الرئيس الأمريكي ما هو إلا أفضل قارئ لما يكتبه مستشاره اليهودي‏!‏‏!‏

هذا مع أن معظم الأمريكيين يكرهون اليهود كراهتهم للزنوج و أكثر، لكن اليهود هم الذين يصنعون الرأي العام عن طريق الإذاعة و التلفزيون و الصحف و دور النشر والسينما‏.‏‏.‏‏.‏

وما زالوا يجهدون للإجهاز على المجتمع الأمريكي بترويج الشذوذ الجنسي، والحشيش والأفيون، جميع ‏"‏الصرعات‏"‏ التى تظهر متلاحقة في المجتمع الغربي‏.‏ ‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ 28-32، بتصرف‏.‏‏]‏

رابعا‏:‏ فرض المادية علىالفكري البشري‏:‏ و ذلك بتأصيل قاعدة الربا في الفكر و المجتمع، والحماس لكل جديد، و القول بالتطور، وإطلاق الحريات، وإيجاد صراع الأجيال، و إيقاع الخلاف بين الأباء و الأبناء، و إثارة الصراع بين الأمم ، وإذاعة كلمات التعصب و الرجعية والجمود، و فصل الدين عن الدولة، و إفساد الرأي العام‏.‏

ولقد لعبت اليهودية - في ذلك - دور التاجر و الرابى و الوسيط و الخمّار و القوّاد على مدى التاريخ ، تلك هى مهمتهم الاساسية التى جردوا أنفسهم لها في سبيل السيطرة على الذهب و التعامل الاقتصادى، و ذلك مطمحهم الأكبرالذي تكاد تكون مخططاتهم و مشروعاتهم كلها موجهة لخدمة هذا الهدف‏.‏ ‏[‏ راجع ‏:‏ المخططات التلمودية، صـ 131-133‏.‏‏]‏

 بعض عناصر المؤامرة الصهيونية

- الاستيلاء على العالم أجمع ليكون تحت حكم اليهود وحدهم مع الحرص على السيطرة العالمية، حسب خطة سرية ينقحها حكماؤهم طورا فطورا، حسب الأحوال مع وحدة الغاية‏.‏ وتتضح هذه الخطة السرية بما أثر عن اليهود من الحقد على الأمم، لا سيما المسيحية‏.‏

- السعى لهدم الحكومات في كل الأقطار‏'‏ والاستعاضة عنها بحكومة ملكية استبدادية يهودية‏'‏ ويهيئون كل الوسائل لهدم الحكومات لا سيما الملكية‏'‏ و من هذه الوسائل‏:‏ إغراء الملوك باضطهاد الشعوب‏'‏ و اغراء الشعوب بالتمرد علىالملوك‏'‏ متوسلين لذلك بنشر مبادئ الحرية و المساواة و نحوها مع تفسيرها تفسيرا خاصا يؤذى الجانبين‏'‏ وبمحاولة إبقاء كل من قوة الحكومة وقوة الشعب متعاديتين، ‏'‏ و بابقاء كل منها في توجس وخوف دائم من الأخرى‏'‏ و إفساد الحكم و زعماء الشعوب‏'‏ و محاربة كل ذكاء يظهر بين الأمميين مع الاستعانة ‏'‏ على تحقيق ذلك كله بالنساء و المال و المناصب و المكايد و ما إلى ذلك من وسائل الفتنة‏'‏ و يكون مقر الحكومة الاسرائيلية في أورشليم أولا ‏'‏ ثم تستقر إلى الأبد في روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية قديما‏'‏إلقاء بذور الخلاف والشغب في كل الدول عن طريق الجمعيات السرية السياسيةو الدينية والفنية والرياضية والمحافل الماسونية و الأندية على اختلاف نشاطها‏'‏ و الجمعيات العلنية من كل لون‏'‏ ونقل الدول من التسامح إلى التطرف السياسى والدينى‏'‏ فالاشتراكية‏'‏ فالإباحية فالفوضوية، فاستحالة تطبيق مبادى المساواة، هذا كله مع التمسك بإبقاء الأمة اليهودية متماسكة بعيدة التأثر بالتعاليم التى تضرها و لكنها تضر غيرها‏.‏

- يرون أن طرق الحكم الحاضرة في العالم جميعا فاسدة‏'‏والواجب زيادة إفسادها في تدرج إلى أن يحين الوقت لقيام المملكة اليهودية على أنقاضها لا قبل هذا الوقت و لا بعده‏'‏ لأن حكم الناس صناعة مقدسة سامية سرية‏'‏ لا يتقنها - في رأيهم-إلا نخبة موهوبة ممتازة من اليهود الذين أتقنوا التدريب التقليدى عليها‏'‏ وكشفت لهم اسرارها التى استنبطها حكماء صهيون من السياسة بأى حال من عمل الشعوب أو العباقرة غير المخلوقين لها بين الأمميين ‏(‏غير اليهود‏)‏

- يجب أن يساس الناس كما تساس القطعان من البهائم الحقيرة‏'‏ و كل الأمميين حتى الزعماء الممتازين منهم إ نما هم قطع شطرنج في أيدي اليهود‏'‏ تسهل استمالتهم و استعبادهم بالتهديد أو المال أو النساء أو المناصب أو نحوها‏'‏

- يجب أن توضع تحت أيدى اليهود - لأنهم المحتكرون للذهب- كل وسائل و شركات السينماو دورها‏'‏ و العلوم والقوانين والمضاربات وغيرها‏.‏

- إن الذهب الذي يحتكره اليهود هو أقوى الأسلحة لإثارةالرأى العام و إفساد الشباب و القضاء على الضمائر والأديان والقوميات و نظام الأسرة‏'‏ وإغراء الناس بالشهوات البهيمية الضارة‏'‏ و إشاعة الرذيلة والانحلال‏'‏ حتى تستنـز ف قوى الأمميين استنزافا‏'‏ فلا تجد مفرا من القذف بأنفسها تحت أقدام اليهود‏.‏

- وضع أسس الاقتصاد العالمي علىأساس الذهب الذي يحتكره اليهود‏'‏ لا على أساس قوة العمل والانتاج و الثروات الأخرى‏'‏ مع إحداث الأزمات الاقتصادية العالمية على الدوام‏'‏ كي لا يستريح العالم أبدا‏'‏ فيضطر إلى الاستعانة باليهود لكشف كروبه‏'‏ ويرضى صاغرا مغتبطا بالسلطة اليهودية العالمية‏.‏

- الاستعانة بأمريكا والصين واليابان على تأديب أوروبا واخضاعها، أما بقية خطوط المؤامرة فتتكفل بتفصيلها البروتوكولات نفسها‏.‏ ‏[‏ الخطر اليهودي، ‏:‏بروتوكولات حكماء صهيون ، ترجمة محمد خليفة التونسى، صـ 38-41، بتصرف، ط/ مكتبة دار التراث ، سنة‏:‏ 1977م‏.‏‏]‏

 خيانات اليهود‏:‏

- وكان مجتمع اليهود مصدر الخيانات و المؤامرات ضد كل بلد نزلوا فيه‏'‏ و قد صور كثير من الكتّاب انعزالية اليهود وانتهازيتهم و خيانتهم للبلاد التى نزلوا بها سواء في ذلك إبان تاريخهم القديم‏'‏ أو في التاريخ الحديث‏.‏ ‏[‏ اليهودية، د/ أحمد شلبي، صـ100‏.‏‏]‏

- تآمرت الصهيونية مع الحلفاء على إثارة اليهود في ألمانيا ضد الوطن الذى آواهم‏'‏ فألقى الحلفاء من الجو على مدنهم وثيقة ‏"‏بلفور‏"‏ إيذانا لهم بأن يقوموا برسالتهم التاريخية و هى رسالة الغدر الوطني‏.‏ ‏[‏ اليهودية، صـ101، بتصرف‏.‏‏]‏

- و قد عدد هتلر خيانات اليهود لألمانيا فذكر منها استنزاف أموال الشعب بالربا الفادح‏'‏ و إفساد التعليم‏'‏ و السيطرة لصالحهم على المصارف و البورصة و الشركات التجارية‏'‏ و السيطرة على دور النشر‏'‏ و التدخل في سياسة الدولة لغير مصلحة الدولة‏'‏ و في القمة من خياناتهم التجسس ضد ألمانيا الذي احترفه عدد كبير منهم‏.‏

- و يعدد المؤرخ الدكتور ‏"‏أحمد بدوي‏"‏ بعض ما شاهده من خيانات اليهود لألمانيا بقوله‏:‏ ‏"‏ أنا أعلم -وأشهد الله على ما أعلم- أن ‏"‏أدولف هتلر‏"‏ لم يكن متجنيا و لا ظالما عند ما وقف يدفع عدوان اليهود عن وطنه‏'‏ بعد أن أكلوا أرزاق هذا الوطن و حاولوا إذلاله‏'‏ فقد خرج الشعب الألماني من الحرب العالمية الأولى مغلوبا على أمره‏'‏ كسير الجناح‏'‏ فانتهز اليهود فرصة تلك المحنة و عملوا على تجويعه و إذلاله والعبث بكرامته‏'‏ و عرض أهله‏'‏ فملئوا مدن البلاد بدور الفسق و الدعارة‏'‏ يتجرون فيها بأخلاق الشبان من الجنسين بغية الكسب والإثراء‏'‏ و رموا هناك بذور الخلاف السياسى و الاقتصادى حتى مزقوا الألمان أحزابا مختلفة‏'‏ يتعب العد من حصرها‏.‏ ‏[‏ اليهودية، صـ102‏.‏‏]‏

- و مثل اليهود هذا الدور أيضا في روسيا أوضح تمثيل‏'‏ فقد كانوا في روسيا في القرن التاسع عشر أكثر من نصف يهود العالم‏'‏ و لكنهم عاشوا طفيليات قذرة‏'‏ و كانوا خونة و مردة على القوانين‏'‏ فالفقراء منهم فتحوا الحانات و تاجروا في الخمر‏'‏ والأغنياء عملوا بالربا الفاحش‏'‏ والتجار اصطنعوا الحيل لتكسد تجارة الأمميين‏'‏ والعمال عملوا بأرخص الأجور حتى يوقعوا العمال الآخرين في الشطط‏'‏ و اتفق اليهود جميعاعلى الهرب من التجنيد بوسائل متعددة‏'‏ و صلت إلى تشويه الجسم و قطع بعض الأعضاء‏'‏ و هكذا أثبت اليهود في البلاد التى سكنوها أنهم في السراء لهم أوفى نصيب‏'‏ أما في الالتزامات و المكاره فدأبهم الفرار و الهرب‏.‏

- و هكذا كان اليهود في كل بلد عاشوا فيه في الشرق و الغرب‏'‏ و تعدى خطرهم- لدى المسيحيين- المال إلى الدماء‏'‏ ويصور ‏"‏باركس‏"‏ صورة اليهود لدى المسيحيين بقوله‏:‏لقد كان معتقدا أن اليهودى يطلب دم المسيحي لأغراض الطقوس الدينية، وأنه يسرق الأطفال أو يقتلهم لهذه الحاجات‏'‏ و كان معتقدا أنه يسمم الآبار و ينشر الأمراض‏'‏وينشر الإشاعات دائما من بلد إلى بلد‏'‏ بأنه في حلف مع العرب المسلمين و التتر و جميع أعداء المسيحية‏'‏ و قد كان في ذاكرة عامة أوربا يمثل أكثر من مجرد البلاء الاقتصادى‏'‏ فقد كان يمثل العدو الخبيث الخطر الذي يسعى أبد الدهر ليحطم كلا من بدن العدو المسيحى و روحه‏.‏

- ماذا كانت نتيجة هذه الخيانات‏؟‏

كانت النتيجة أن أنزل بهم العالم ضربات قاصمة‏'‏ و عقوبات صارمة‏'‏ شملت التنكيل و الطرد والسجن و مصادرة الأموال‏'‏ و يقرر ‏"‏Rosmer‏"‏ أن كل الأمم المسيحية اشتركت في اضطهاد اليهود و إنزال مختلف العنت بهم‏'‏و كانت القسوة مع اليهود تعد مأثرة يمتدح المسيحيون بعضهم بعضا عليها‏'‏ و لكن ذلك ضاعف حقدهم‏'‏ فارتفعت أصواتهم بالشكوى مما سموه ظلما واضطهادا ، ولم يكن ذلك في الواقع إلا نتيجة لانحرافهم وخيانتهم‏.‏

- وتكررت هذه الدورة في كل مكان عاش به اليهود، حقد ومؤامرات وخيانات من اليهودفانتقام منهم وعدوان عليهم‏'‏ فصراخ و شكوى و أنين‏'‏ و قد نجح صراخ اليهود في أن يبرز للعالم ما نزل بهم من ضيم‏'‏ و ربما استطاعوا أن يصوروا أنفسهم في صورة المظلوم المعتدى عليه‏'‏ و أن يستدروا بذلك أحيانا عطف الناس الذين خدعهم الأنين‏.‏

- و نجح اليهود في أن يصوروا للعالم أن إنصافهم يكمن في تجمعهم في وطن قومي‏'‏ يكونون هم سادته و رعيته ‏'‏ و وجدكثير من الناس في هذا الحل وسيلة للتخلص من اليهود و شرورهم‏'‏ فأيدوهم فيه حتى ينزاحوا عن بلادهم‏'‏ فكان ذلك من أسباب ما لاقوه في تأييد من اغتصابهم فلسطين في العصر الحديث‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ102،103 وانظر بتوسع‏:‏ خطر اليهودية العالمية، صـ 106- 120، صـ 180- 221‏.‏‏]‏ فكان وعد بلفور، و ما بعده حتى اليوم‏.‏

 اليهود تجار الحروب‏:‏

- إن جميع الثورات والانقلابات والحروب التى وقعت منذ بدء عصر التسامح مع اليهود‏'‏ و هو الذي عبر القرون الثامن عشر التاسع عشر والعشرين تكاد تكون من صنع اليهود أنفسهم‏'‏ لجأوا إليها تنفيذا لتعاليم التوراة و التلمود التى تحض على القضاء على غير اليهود‏'‏ كلما استطاع اليهود إلى ذلك سبيلا‏'‏ مستخدمين كل السبل التى توصلهم إلى أهدافهم البعيدة‏'‏ وهى حكم العالم من ‏"‏أورشليم‏"‏ عاصمة ملكهم كما يدعون‏.‏ ‏[‏ الأفعي اليهودية في معاقل الإسلام، صـ9‏.‏‏]‏

- و قد قال الدكتور أوسكارليفى‏:‏‏"‏ نحن اليهود لانزال هنا فكلمتنا الأخيرة لم ينطق بها بعد‏'‏ و عملنا الأخير لم يكمل بعد‏'‏ وثورتنا الأخيرة لم تقم بعد‏"‏‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ100‏.‏‏]‏

- و في سبيل ذلك‏'‏ يسعى اليهود قبل الالتجاء إلى سفك دماء ‏"‏الجوييم‏"‏ و إبادتهم إلى السيطرة عليهم ماديا وثقافيا وروحيا لتسهيل المهمة الأساسية في تدميرهم و القضاء عليهم ‏.‏

- فمن الناحية المادية استطاع اليهود أن يمتلكوا المال و الذهب‏'‏ و يسيطروا على المصارف و غير ها من المؤسسات المالية التى تتحكم في اقتصاد الدول الأوربية و الأمريكية‏.‏

و‏"‏آل روتشيلد‏"‏ ملوك المال في العالم - أمرهم معروف و قد كان لهم أثر واضح في تلك الثورات و الانقلابات‏'‏ ومعلوم أن ‏"‏آل روتشيلد‏"‏كانو يمثلون قوة المال في اليهودية العالمية طوال القرون الثلاثة الماضية ‏.‏

- و بذلك سيطروا على كبار الشخصيات العالمية التى تستطيع أن تلعب دورا رئيسا في زج بلادها في حروب تكون إلى جانبهم‏'‏ و من هذه الوسائل ‏:‏ إغداق الأموال ‏'‏ عرض المناصب ذات الجاه‏'‏ والمناصب العلمية‏'‏ وسيلة الخداع في النواحى الدينية‏'‏ ثم الإرهاب،

أما المال فهو السلاح الذي أذل و ما زال يذل كبار شخصيات العالم التى استطاع اليهود أن يشتروا ضمائرهم و أن يسخروها في خدمة اليهودية العالمية‏'‏ و من لم ينفع معه إغراء المال اشتراه اليهود با لألقاب العلمية التي أغدقوها على عدد لا يحصى من رجال الغرب ‏'‏ استصدر بها اليهود قرارات من جامعات يسيطرون عليها‏.‏

و لا يخفى أن عددا كبيرا من اليهود حصلوا على الألقاب العلمية بطريقة أو بأخرى‏'‏ ليخدعوا العالم بألقابهم العلمية‏'‏ مع أنهم في حقيقة أمرهم أقل شعوب العالم علما و خلقا و مدنية‏'‏ بدليل أنهم لم يتركوا من آلاف السنين أى أثر لمدنية أو فلسفة إذا ما قورنوا بأى شعب من شعوب العالم‏.‏

و يكسب اليهود فريقا من الشخصيات العالمية عن طريق التضليل الديني التاريخي‏'‏ موهمين ضحاياهم أنهم الشعب المختار الذي قضت إرادة الرب بأن يعودوا لامتلاك ‏"‏فلسطين‏"‏ أرض الميعاد‏.‏ و يكسبون عددا كبيرا آخر من رجال السياسة العالمية بالإرهاب اليهودى‏'‏ الذي يهدد كل صاحب قلم حر ذا لسان صدق ‏.‏

ولدى اليهود من الجمعيات الإرهابية السرية ما يؤمن لهم الوسائل الكفيلة بتنفيذ تهديدهم لأى إنسان من شعوب الغرب الأعمى الذي سعى إلى حتفه بظلفه‏'‏ و شجع اليهود على التمادى في غيهم و طغيانهم‏.‏

- لقد كان من نتيجة التسامح الغربى استفحال‏"‏شر اليهودية العالمية‏'‏ و تمكنها من إثارة الحروب و الفتن و الثورات بعد أن سيطرت على اقتصاد دول الجوييم ‏'‏ وأذلت كبار الحكام و رجال السياسة و الفكر في الغرب الأعمى‏.‏ ‏[‏ الأفعي اليهودية ،صـ9-10، بتصرف‏.‏‏]‏

لقد أعلن ‏"‏ إسرائيل زانغويل‏"‏ هذه العصبة ‏(‏عصبة الأمم‏)‏ هى سفارة لإسرائيل‏.‏

و قال هيلان - في 26 آزار 1922 في شيكاغو- ‏"‏ إن الخطر الحقيقي على جمهوريتنا هو ‏"‏الحكومة الخفية ‏"‏ فهي كالأخطبوط الذي التف على كل مدينة و ولاية‏'‏ و قيادة هذا الاخطبوط مجموعة صغيرة قوية من أرباب البنوك يعرفون عموما ‏"‏بأصحاب البنوك العالمية‏"‏ و هم الذين يسيرون حكومتنا لغاياتهم الأنانية‏"‏‏[‏ حكومة العالم الخفية ‏,‏صـ161‏,‏‏]‏

 الحروب الصليبية و دور اليهود فيها‏:‏

- و جاءت الحروب الصليبية في آخر القرن الحادى عشر الميلادى ‏'‏ و في الجولة الأولى منها استطاع الصليبيون أن يستولوا على بيت المقدس‏'‏ و على شريط ساحلى ضيق‏'‏ و يتضح من دراسة هذه الحروب أن اليهود كانوا من وراء الصليبيين‏'‏ و كانوا من الأسباب الخفية التى دفعت بالصليبيين لغزو البلاد المقدسة‏'‏ فقد رأى اليهود أنهم عجزوا عن العودة للبلاد المقدسة بأنفسهم فحاولوا العودة خلف المسيحيين‏.‏

وقد اتخذ اليهود المال وسيلة لهم‏'‏ فأخفوا مشاعرهم الدينية و الوطنية خلف المال‏'‏ إذ كانوا يمثلون أغنى مراكز التجارة على الساحل الشمالى للبحر المتوسط‏'‏ فساعدوا الصليبيين ليقوموا بهذه المغامرة باسم الصليب لفتح الطريق التجارى إلى الشرق عبر فلسطين‏'‏ و لكن الشعار اليهودى كان في الحقيقة أقوى من الصليب و أقوى من المال‏.‏ ‏[‏ SseThe Jemes by James Hosmerp>137‏.‏ نقلا عن ‏:‏اليهودية ، د/ أحمد شلبي، صـ97‏]‏

كما كانت تلك الحرب الصليبية- و التى قامت بثمانى حملات صليبية- ردفعل يهودى ضد الأوربيين‏'‏ دفعوهم إليها دفعا للأخذ بثأرهم التجارى ‏'‏ بعد صدور فتوى من الكنيسة تقضى بكسر الاحتكارات اليهودية في التجارة و العملة و المبادلات في أوربا‏.‏ فبذلت الأقطار المسيحية الملايين من النقود و الأرواح لخوض هذه الحرب المقدسة‏'‏ و لكن الذى كسب من وراء تلك الحروب و أثرى ثراء فاحشا إنما هم اليهود‏.‏ ‏[‏ المخططات الماسونية العالمية، صـ66،بتصرف‏.‏‏]‏

- ولقد كان دور اليهود في الثورة الفرنسية واضحا‏'‏ مستخدمة في ذلك الشعار المزيف‏(‏ الحرية المساواة- الاخاء‏)‏‏.‏ ذلك الشعار الذى اخترعته الماسونية اليهودية لتخدع به العالم‏'‏ و تقضى على مقومات بقاء الدولة و التحكم في مصائرها‏.‏ ‏[‏ الأفعي اليهودية، صـ12،بتصرف‏.‏‏]‏

وحين اندلعت نيران الثورة الفرنسية كان وجهها يهوديا توراتيا تلموديا‏'‏ و قد بدت الروح التلمودية في خطط الثورة و دستورها الأخلاقي واضحة جلية في وثيقة خطيرة وجدت بين أوراق ‏"‏ ميرابو‏"‏ التى ضبطت في منزل ‏"‏مدام لجاى‏"‏ زوج ناشر كتب‏"‏ميرابو‏"‏‏'‏ وذلك في 6 أكتوبر سنة 1789م ‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ 14-15، بتصرف‏.‏‏]‏

كما كان لليهود أثر واضح في حروب نابليون‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏ الأفعي اليهودية، صـ 17-27‏.‏‏]‏

وحتى عام 1882م استطاع اليهود أن يرسخوا أقدامهم في الاقتصاد الروسي بحيث أشرفت روسيا على الإفلاس عندما حاولت زحزحتهم عن مكانهم‏.‏ ثم أقاموا بها النظام الشيوعي انتقاما من روسيا التى دمرت دولة الخزر‏.‏ ‏[‏راجع بتوسع‏:‏ المخططات التلمودية، صـ 38، 67‏.‏‏]‏

- ومضى أثر اليهود واضحا في أغلب ثورات القرن التاسع عشر‏'‏ و حروبه، بعد نجاحهم الحاسم في الثورة الفرنسية و ما نالوه بعدها من مكانة مرموقة في فرنسا و غيرها من بلدان أوربا‏'‏ مما شجعهم على التمادى في خلق الفتن و تدبير المؤامرات و تحريك الثورات و تنفيذ الاغتيالات السياسية و الانقلابات‏.‏ ‏[‏ الأفعي اليهودية، صـ 27 بتصرف‏.‏‏]‏

- لقد حرص اليهود على إسقاط الخلافة الإسلامية بسقوط الدولة العثمانية‏'‏ و ذلك عن طريق يهود سالونيك الذين أظهروا الإسلام‏'‏ و أطلق عليهم اسم‏"‏الدونمة‏"‏ و تزعمهم‏"‏ سبتاي سيفي‏"‏ و ادعى عام 1648م أنه المسيح الذى ينتظره اليهود‏,‏ و قد اتجه الدونمة إلى تحطيم الخلافة العثمانية في تركيا‏'‏ بعد فشلهم في حمل‏"‏ السلطان عبد الحميد‏"‏ على موالاة هدفهم‏'‏ و الذى أبلغه قرار عزله بعد ذلك هو ‏"‏قره صو‏"‏نائب سلانيك اليهودي كما دعوا إلى الدعوة الطورانية في تركيا للتخلص من الإسلام و اللغة العربية‏'‏ وأنشأوا حزب ‏"‏الاتحاد و الترقى‏"‏- الذى كان أولى به أن يسمى‏"‏ التمزق والتدني‏!‏‏!‏ وكان منهم ‏"‏مصطفى كمال أتاتورك‏"‏ الذى كان له أكبر الدور في القضاء على الخلافة الإسلامية‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏ الأفعي اليهودية، صـ 74-104، المخططات التلمودية، صـ 96-104‏]‏

- كما كان أثرهم في الحربين العالميتين واضحا غير مخفى و لا مجحود‏.‏

و لم يكتف اليهود بزج بريطانيا في حرب دامية شملت أوربا كلها‏'‏ بل زجوا الولايات المتحدة‏'‏ مقابل وعود بريطانية بتحقيق أطماعهم في فلسطين‏'‏ و لم يكتف اليهود بزج أمريكا في الحرب‏'‏ و إنما حالوا دون إنهاء الحرب في غير الوقت الذى حددوه لانتهائها‏'‏ و حالوا دون وقوع أية مصالحة أثناء الحرب‏.‏

- و نجح اليهود كذلك في الحيلولة دون إخراج تركيا من الحرب قبل أن تهزم نهائيا‏.‏

- و دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى تحت تأثير اليهود‏'‏

لقد خسر العالم الملايين من الأرواح البريئة‏'‏ و خسر الثروات الباهظة‏'‏ و لم يكسب شيئا، لأن الجهة الوحيدة التى كسبت دون خسارة هى اليهودية العالمية‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏ الأفعي اليهودية، صـ 29-34، المخططات الماسونية العالمية، صـ 85-87، ‏]‏

ثم لم يكتف اليهود بالنتائج التي حصلوا عليها بعد الحرب الأولي ، وأخذوا يدبرون لإشعال نار الحرب العالمية الثانية ، وبدأوا المعركة الدعائية كعادتهم ضد ألمانيا ، وأعلنوا الحرب ضد ‏"‏هتلر‏"‏ والنازية التي أظهرت عداءها لليهود منذ تسلم ‏"‏هتلر ‏"‏ الحكم سنة 1933م ،

وكيف لا ينجح اليهود في إشعال نار الحرب العالمية الثانية ، انتقاما من هتلر وألمانيا ، ولهم في الوزارة البريطانية سنة 1929م عدد كبير من اليهود ، أو أنصاف اليهود أو عملاء اليهود ،- ويلاحظ أنني أغفلت فرنسا و دورها في الحربين العالميتين ، لأن الحقيقة أن فرنسا قد غدت يهودية من قمة رأسها إلي اخمص قدميها ، وقد تم تهويدها تدريجيا بعد الثورة الفرنسية 1789م ، ولم يدخل النصف الأول من القرن العشرين حتي كان اليهود يسيطرون علي جوانب الحياة كلها ، من تجارية وسياسية وعسكرية وثقاقية ،كما جاء في البروتوكولات ‏"‏ تذكروا الثورة الفرنسية التي أضفينا عليها صفة ‏"‏ العظمة ‏"‏ فأسرار تخطيطها نعرفها نحن ، لأنها كانت كلية من صنع أيدينا‏.‏

- ولايخفي أثر اليهود في الثورة الشيوعية أيضا فضلا عما بين الشيوعية واليهودية من أوجه شبه كثيرة ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏ الأفعي اليهودية، صـ34-51‏.‏‏]‏

تقول أصح الأقوال ‏:‏ إن الصهيونية مؤامرة شيوعية ، والشيوعية مؤامرة يهودية ، ولا ريب أن‏"‏ماركس‏"‏ أراد حين قدم نظريته التمويه والخداع بأنه لا صلة له بالصهيونية أو اليهودية جملة ، ولا ريب أن الشيوعية تعمل لتحقيق الهدف الصهيوني في السيطرة على العالم ، وأن تعاليم ‏"‏كارل ماركس‏"‏ وفردريك‏"‏ انجلترا ،و‏"‏لينين‏"‏ و‏"‏ستالين‏"‏ لا تختلف في كثير أو قليل عن تعليمات بروتوكولات حمقاء صهيون ، بل إن الألفاظ والعبارات والمفاهيم التي صيغت بها كل من الشيوعية والصهيونية متشابهة متماثلة ‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ 237‏]‏

ولقد ركز اليهود علي الماركسية كأسلوب لاقتلاع القيصرية الروسية انتقاما منها ، وعملا علي تمزيق العالم إلي نظريتين متصارعتين هما ‏:‏ الرأسمالية والشيوعية ، وقد أكد هذا المعني كُتَّاب غربيون كثيرون ، منهم ‏"‏روبرت وليمز‏"‏ في كتابه ‏"‏ اليهود في أمريكا ‏"‏ الذي قال فيه ‏:‏ ‏"‏ إن الصهيونية شقيقة الشيوعية وأمها ‏"‏

ولقد تبدو الشيوعية وكأنها عدوة للصهيونية ، ولكن ذلك مخطط مرحلي ، فهما توأمان ولدتهما اليهودية التلمودية،ويقول الأستاذ ‏"‏حامد مطاوع‏"‏ ‏:‏ إن الشيوعية ما هي إلا أفكار صهيونية من قبل ‏"‏كارل ماركس‏"‏ بوقت طويل ، وأن كل ما فعله أنه جمع تلك الأفكار ، وجعل لها ثلاث قواعد في وقت انهيار الحضارة الأوربية، وزعم أنه يعيد بناءها ولكن بأسلوب روائي، فهو إمعان في التخريب ، فقواعد الشيوعية الثلاث ،

1- محاربة الأديان وتفريغ الإنسان من كل عقيدة دينية ، واستبدالها بتعاليم وشعارات النظرية الشيوعية وهي في تركيبها اشتراكية متمرحلة ،

2- الانسلاخ من كل انتماء وطني ليظل الفرد عضو التنظيمات المركزية الشيوعية ذات الفروع والألوان والأقنعة المختلفة إلتي تنبع من أصل واحد وتلتقي في ملتقى واحد ‏.‏

3- مقاومة التفضيل بالدرجات حتى يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، وإلغاء الأمر الإلهي ، فالله سبحانه قد فضل الناس بعضهم علي بعض درجات ، والتفضيل له عناصر هي العلم والعمل والتقوى ‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ 70-71، بتصرف‏.‏‏]‏

فقطبا الصهيونية والشيوعية تجمعهما اليهودية اللئيمة ، ‏"‏ وموسى هيس ‏"‏ يهودي متعصب معروف بتطرفه ، و‏"‏كارل ماركس ‏"‏ يهودي صميم ، ابن حاخام يهودي ، وما ردة ‏"‏ والده ‏"‏ عن اليهودية، وصبوءه إلي المسيحية إلا نفاقا عرف به اليهود في جميع مراحل التاريخ ، وما كان صيوء والد ‏"‏ كارل ماركس ‏"‏ إلي المسيحية ، ناجما عن اعتقاده في صحتها ، ولا في اعتقاده في بطلان اليهودية ، ولكن المصلحة حملته على إيثار المسيحية علي اليهودية التي كان أتباعها منظورا إليهم بعين السخط والحقد والمقت لما طبعوا عليه من صفات اللؤم والخسة والغدر والطمع وكل الصفات القبيحة‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ 70- 71، بتصرف‏.‏‏]‏

فالخروج علي اليهودية والدخول إلي المسيحية كانا من أجل الحصول علي مغانم دنيوية ما كان ليتاح له الظفر بها لو بقي علي دينه ، فتركه ليجر إلي نفسه المغانم ويبعد عن نفسه المضار ،‏[‏ المخططات التلمودية، صـ75‏.‏‏]‏

ويقول الأستاذ عبد السلام العمري ‏:‏ ‏"‏إن حقيقة الماركسية لا يجب فصلها عن كونها فكره يهودية قصد من ورائها ‏"‏ كارل موردخاي= ماركس ‏"‏ واليهودية العالمية السيطرة علي العالم عن طريق عقيدة فكرية هدامة تحارب الدين والأخلاق والقيم تحت راية العلم والموضوعية والحتمية والتاريخية ‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، 82‏.‏‏]‏

لقد استطاع اليهود أن يحققوا بغيتهم في روسيا ، واستطاعوا أن يفصلوا أوربا الغربية عن روسيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وحفروا هوة كبيرة بينهما ، حفرتها كراهية اليهود وحافظت عليها ، وسلطة اليهود العالمية من أكثر الأشياء قوة في تضليل العالم ، وأصبح اليهود يسيطرون علي كل شيء ، وقد قضي ‏"‏ لينين ‏"‏ أيامه الأخيرة يزحف علي أربع في حجرة ويصرخ ، اللهم أنقذ روسيا واقتل اليهود ‏.‏

إن 90% من الوظائف المهمة في الاتحاد السوفياني بيد اليهود ‏"‏ ‏.‏ ‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ 149-151 بتصرف‏]‏

نداء ‏"‏جيمز روتشيلد‏"‏ لليهود ‏(‏ 1860‏)‏‏:‏ إن نجاح اليهود في قتل القيصر ‏"‏ نقولا الأول ‏"‏ عدو الحرب ، وارتقاء عملاء اليد الخفية ، ‏"‏ديزرائيلي‏"‏ في انكلترا ، و‏"‏نابليون‏"‏ الثالث في فرنسا ، و‏"‏بسمارك‏"‏ في ألمانيا ، و‏"‏مازيني‏"‏ في إيطاليا ، إلي سدة الزعامة ، شجع ‏"‏جيمز روتشيلد الثالث‏"‏ علي محاولة ‏"‏ الثورة الأمريكية ‏"‏ التي اقترحها ‏"‏ديزرايئلي‏"‏ ،وذلك يستدعي تعبئة كافة اليهود، فقرر إعلان الرئاسة السرية للحكومة اليهودية العالمية العليا ، وسماها ‏"‏ الحلف اليهودي العالمي ‏"‏ وفي الفرنسية ‏"‏ الحلف الإسرائيلي العالمي ‏"‏

وقد أعادت ‏"‏ المورنينغ نيوز ‏"‏ اللندنية بيانه ليهود العالم ، ومما جاء فيه ‏:‏ ‏"‏ إن الاتحاد الذي ننوي تأليفه ليس باتحاد فرنسي أو إنكليزي أو ايرلندي أو ألماني إنما هو يهودي عالمي ، فالشعوب الأخرى مقسمة إلي قوميات إلا نحن فلا مواطنون لنا ، وإنما لنا أخوة في الدين فقط ‏"‏

لن يكون اليهودي ، تحت أي ظرف ، صديقا للمسيحي أو المسلم قبل أن تحين اللحظة التي يشع فيها نور الإيمان اليهودي - وهو الدين الوحيد المبني علي العقل- على العلم ، وبتصرفنا بين الأمم إنما نرغب في أن نظل يهودا فقوميتنا دين أجدادنا ولا نعرف قومية غير ذلك ، إننا نعيش في أرض أجنبية ، وليس بمقدرونا أن نهتم بمصالح أقطار غريبة عنا ‏"‏

ينبغي أن تنتشر التعاليم اليهودية في العالم بأجمعه ، وكيفما قادنا القدر وبالرغم من تشتت شملنا في جميع أنحاء الأرض يجب أن نعتبر أنفسنا العنصر المجتبي ، فإذا ما اعتبرنا إيمان أجدادنا وطنيتنا الوحيدة ، وإذا ما حافظنا- على الرغم من الجنسيات المتعددة التي نحملها- على الشعور الدائم بأننا أمة واحدة ، وإذا ما آمنا بأن اليهود أمة تمثل حقيقة دينية وسياسية فقط ، وإذا ما اقتنعتم بهذا يا يهود العالم فعليكم أن تصغوا إلي هذا النداء ، وبرهنوا علي إيمانكم به وموا فقتكم عليه ‏.‏ ‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ167-168، بتصرف‏.‏‏]‏

وإن دعاة الثورة الروسية يطمحون إلى تحطيم المسيحية ونظامها الأخلاقي ، ولا يقبل أحد في الحزب الشيوعي إلا إذا كفر بالله‏.‏

وفي كل قتل جماعي نجد اليهود هم المحرضون الأساسيون ، وبتقليد المسيحيين للنعامة بإخفاء رأسها في الرمل ، إنما يخونون أبناءهم الذين سيتحملون نتائج جبنهم ، فاليهود -المغول- أبناء الجحيم ،وإذا ما أخفينا هذه الحقيقة ترتكب جريمة نكراء واليهود يحضرون في الولايات المتحدة لحرب أهلية ، بإثارة العمال على الرأسماليين ، والبروتستانت على الكاثوليك، والزنوج على البيض ، كما يحضرون لنزاعات بين أصحاب مذهب العصمة وبين دعاة مذهب النشوء والارتقاء ومن ثم يفرضون بلشفة القضايا ‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ 185-186،بتصرف‏.‏‏]‏

ومما يثبت ما أشرنا إليه من أفواه اليهود أنفسهم ، ومن أفواه أقطاب الغرب الذين آمنوا بأن الحرب والفتن والثورات لم تكن إلا من صنع اليهودية العالمية ، كما مضت محاضر جلسات حكماء صهيون علي وجوب إشعال الحروب والفتن والثورات لتعود المنفعة علي اليهود ‏.‏

واعترف ‏"‏ هرتزل‏"‏- أبو الصهيونية الحديثة - في كتابه ‏"‏الدولة اليهودية ‏"‏ قائلا ‏:‏ ‏"‏نحن اليهود حينما نغرق نتحول إلي عناصر ثورية مخربة ، وحينما ننهض ، ننهض معنا قوتنا الرهيبة لجمع مال العالم في بنك اليهود ‏.‏ وقال ماركوس رافاج الروماني ‏:‏ ‏"‏نحن اليهود من وراء جميع حروبكم ، وإن الحرب الأولي قامت لتحقيق سيطرتنا علي العالم ‏.‏

وقالت مجلة ‏"‏ lavielle france ‏"‏ في عددها بتاريخ 15 يونيو 1929م ‏:‏‏"‏ هنالك مؤامرة يهودية ضد جميع الشعوب ، إنها تملك قوة المال في كل مكان ، وتحارب في جبهتين قويتين‏:‏ جبهة المال وجبهة الثورات‏"‏‏.‏ وقال أوسكار ليفي ‏:‏‏"‏ العناصر اليهودية أساس الرأسمالية والشيوعية ، نحن الذين أخترعنا حكاية الشعب المختار ،والذين نصبنا أنفسنا مخلصين للعالم ، ونتباهي بخروج المسيح منا ، لسنا اليوم سوي مفسدي العالم ومخربيه ، وصانعي الفتن فيه وجلاديه ،نحن الذين وعدنا أن نقودكم إلى الجنة والسعادة ، نقودكم فعلا الى الجحيم الجديد ‏.‏‏"‏

وقال ‏"‏هنري فورد‏"‏ ‏:‏ ‏"‏إنني واثق من أن الحروب تتم ليستفيد طرف ما منها ، وإن الطرف الذي استفاد دائما هم اليهود العالميون ، يبدأون الحروب بالدعاية التي يوجهونها من بلد ضد الآخر ، وقبل الحرب يتاجرون بالسلاح والزخيرة، ويثرون من وراء تلك التجارة ، وأثناء الحرب نفسها يثرون من القروض التي يقدمونها للطرفين المتحاربين ، وبعد الحرب يضعون أيديهم علي جميع مصادر الثروة في البلاد‏.‏‏.‏‏.‏ ‏[‏ الأفعي اليهودية، صـ 29-31، بتصرف‏.‏‏]‏

وقال وليم جاي كار ‏:‏ إن الثورة الإنجليزية كانت من صنع الصهيونية ، وأما الحرب العالمية الثانية فقد رسم مخططها علي أساس أن تنشب نتيجة النزاع الذي يثور بين الصهيونية السياسية والعالم الإسلامي ويقضى المخطط المرسوم أن تقاد هذه الحرب وتوجه بصورة يحطم فيها الوطن العربي ومن ورائه العالم الإسلامي‏.‏

كما تحدث المؤلف عن الدور الذي لعبته اليد الخفية في توصيل ‏"‏ نابليون بونابرت ‏"‏ إلي القمة ، وكيف قامت تلك القوي بتمويل حملات ‏"‏نابليون‏"‏ لتدمير الدول المحيطة بفرنسا‏.‏

كما تحدث أيضا عن التاريخ الخفي للتغلغل اليهودي في أمريكا ، وكيف استطاعوا السيطرة علي الاقتصاد الأمريكي بالسيطرة علي بنك انجلترا ، وكيف أن أرباب المال العالميين خططوا لاغتيال الرئيس الأمريكي ‏"‏ بنجامين فرانكلين ‏"‏ حينما فضح أهدافهم ثم أحكموا سيطرتهم علي الاقتصاد الأمريكي إلي اليوم ‏.‏

ويقول المؤلف أنه بعد الحرب العالمية الثانية أضحت الكرة الأرضية كرقعة الشطرنج عليها فطع من أناس يتخيلون أنفسهم زعماء وقادة دول كبري ، وكانت اليد الخفية تحرك ‏"‏ستالين‏"‏ و‏"‏تشرشل و‏"‏روزفلت‏"‏حتي اشتعلت الحرب ، وانتهت وتحطمت النازية ، وأنشئت إسرائيل وبدأ السباق الرهيب فلم تنته الحرب بحكم الصراعات الدائرة على الأرض بقدر ما فتحت مجالات أخري للصراع تكمن في نهايتها الحركة الأخيرة في لعبة الشطرنج الدولية ‏.‏ ‏[‏ أحجار على رقعة الشطرنج، نقلا عن ‏:‏المخططات التلمودية، صـ 219-121، بتصرف‏.‏‏]‏

 إرهاب يهودي

وما إن تكاثر اليهود في فلسطين ،بفعل سياسة التهويد التي اتبعتها حكومة الانتداب البريطاني ،

حتي شرعوا يتدربون علي استعمال السلاح، ويشكلون المنظمات السرية التي تتولي قتل العرب وإرهابهم ، ليسلموا بتهويد وطنهم العزيز ‏.‏

وأخطر العصابات اليهودية‏:‏ منظمة ‏"‏سترن ‏"‏ وعرفت باسم المحاربين من أجل حرية إسرائيل،ثم عصابة ‏"‏الأرغون زفاي لومي ‏"‏برياسة ‏"‏ديغدرزئال ‏"‏ ومن بعده ‏"‏يعقوب مريدور ‏"‏ ثم ‏"‏مناحيم بيجن ‏"‏ومنظمة ‏"‏الهاجناه ‏"‏ التي كانت الحكومة تعترف بها رسميا ، وأصحبت نواة الجيش اليهودي فيما يعد ولكن من أعان ظالما سلط عليه ، فكان من أوائل دور الجيش اليهودي أنهم ضربوا الإنجليز أنفسهم ، وتنكروا لحماية الذي وقفوا معهم ، وهاجم اليهود المعسكرات البريطانية التي تحمي اليهود ومستعمراتهم ، وهاجموا القطارات الحربية ، وقتلوا الجنود ، ونسفوا الجسور التي تربط بين فلسطين والدول العربية المجاورة ، وقتلوا أكبر شخصية بريطانية في الشرق الأوسط ‏"‏ اللورد موبن ‏"‏ في نوفمبر1944م ونسفوا مكاتب الحكومة في فندق الملك داود بالقدس ، وقتلوا في تلك الجريمة أكثر من ‏.‏‏.‏ موظف بريطاني ممن كانوا عبيدا لليهود ، يشرفون علي نمو الوطن القومي اليهودي ، وكان ذلك في 22 يوليو 1946م‏!‏‏!‏

لقد مارس اليهود جميع أنواع القتل الفردي والجماعي ضد العرب والإنجليز ، ولم تحرك حكومة الانتداب ساكنا ، لأنها كانت ضالعة مع اليهودية العالمية، ومستخذية للنفوذ الصهيوني العاتي ،كانت جميع عمليات القتل والتدمير تتم باتفاق مع الوكالة اليهودية المسئولة عن كل ما يتعلق باليهود في فلسطين‏,‏ وكانت كثيرا ما تسارع إلي استنكار الجرائم الكبيرة المروعة مع أنها هي التي أمرت بها أو وافقت عليها‏,‏ كما حدث في جريمة نسف فندق الملك داود ‏!‏‏!‏

 صور من الارهاب ‏:‏ ‏"‏ مذابح يهودية ‏"‏

1- مذبحة ديرياسين في 9 ابـريل سنة 1948م

2- مذبحة شرفــات في 8 فبراير سنة 1951م

3- مذبحة عيد الميلاد في 6ينــاير سنة 1952م

4- مذبحة قبية ، في ليلة 14 أكتوبر سنة 1953م

5- مذبحة قتل الأطفال ، في 2نوفمبر سنة 1954م

6- مذبحة غزة في 28 فـــبرايـر سنة 1955م

7- مذبحة شاطئ طبرية في 11ديسمبر سنة 1955م

8- مذبحة غزة الثانيـة في 5 ابـريل سنة 1956م

9- مذبحة غرندل في 12 سبتمــبر سنة 1956م

10- مذبحة حوسان في 25 سبتمبر سنة 1956م

11- مذبحة قلقيلية في 10 أكتـوبر سنة 1956م

12- مذبحة كفرقاسم في 28 أكتوبر سنة 1956م‏.‏‏(‏1‏)‏

وتوالت المذابح علي مدي تاريخ اليهود في فلسطين حتي كانت مذابحهم الكبري في هزيمة العرب في يونيو 1967م ، ثم كانت هزيمة اليهود في حرب العاشر من رمضان 1393هـ الموافق السادس من أكتوبر 1973ومع مبادرات السلام ‏!‏‏!‏ كانت الانتفاضة تتابع في فلسطين ، عقب مذابح يهودية بالأقصى والخليل، و- من قبل- صبرا وشاتيلا ، ومدرسة بحر البقر ، وناصر الدين والجورة والطنطورة ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏الخ

وها هي الأحداث في ‏"‏جينين ‏"‏جارية ، والعيون باكية ، ولكن علي حد المثل ‏:‏ العين بصيرة ، واليد قصيرة ‏!‏‏!‏

 علماء ‏.‏‏.‏ على اليهود شهداء ‏"‏

وشهد شاهد من أهلها ‏"‏‏[‏ معالم النصر على اليهود، د/سعد المرصفى، صـ 79-103، باختصار‏.‏‏]‏

أشار ‏"‏ سير جيمس فريزر ‏"‏ في كتابه ‏"‏الخرافة ‏"‏ فقال ‏:‏ ‏"‏ لقد شهد كثيرون بأن العقيدة التي يتستر وراء ها اليهود هي شريعة الغاب التي تقوم علي تدمير المدن والقري وحرق المساكن وقتل الأطفال والشيوخ، وقد أجمعت المصادر علي أن بني إسرائيل لم يستمروا علي عبادة الله الواحد الذي دعا إليه الأنبياء ، واتجهوا إلي التجسيم والتعدد ‏"‏‏.‏

يقول ‏"‏ول ديورانت‏"‏ ‏:‏ ‏"‏ يبدو أن الفاتحين اليهود عمدوا إلى أحد آلهة كنعان فصاغوه علي الصورة التي كانوا هم عليها وجعلوا منه إلها ‏"‏ الإله يهوه ‏"‏ فيهوه ليس خالقا لهم ، بل مخلوق لهم، وفي يهوه صفاتهم الحربية ‏:‏ التدمير والسرقة ، ‏"‏ويهوه‏"‏ قاس مدمر متعصب لشعبه ،لأنه ليس إله كل الشعب ، بل إله بني إسرائيل فقط ، وهو بهذا عدو للآلهة الآخرين ، كما أن شعبه عدو للشعوب الأخري ، ومن خلال هذا المفهوم تكونت أعمق المعاني في نفوس بني إسرائيل المادية مع التطلع إلى أسلوب نفعي في الحياة‏.‏ ويقول ‏"‏كارل ماركس‏"‏ في كتابه ‏"‏المسألة اليهودية ‏"‏ ‏:‏ ‏"‏إن المال هو إله إسرائيل المطاع أمامه لا ينبغي لأي إله أن يعيش ، ولقد أصبح إله اليهود إلها للناس جميعا ، وهذا انتصار لليهود ، وقال جوستاف لوبون في كتابه ‏"‏ اليهود والحضارة ‏"‏ ‏:‏ ‏"‏ إن آية القول بأنهم وحوش وقساة ، ما نجد في التوراة من أنواع الوحشية والبدائية ، وفي سفر يشوع يقال لهم ‏:‏ أهلكوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتي الغنم والحمير ، بحد السيف، وأحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار‏.‏

بينما نجد العرب كانوا ينفذون وصية أبي بكر ‏:‏ لا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه‏.‏

ويناقش الكتاب الكثير من الآراء والنظريات التي يدعيهااليهود لأنفسهم ويبطلها العقل ، وبوثائق التاريخ وبما كتبوه هم أنفسهم ‏"‏‏[‏ قصة الحضارة، ول ديورانت،ج2، صـ 24، نقلا عن‏:‏ المخططات التلمودية، صـ 28-29، بتصرف‏.‏‏]‏

وقد قال ‏"‏فيلون‏"‏ ‏:‏ إن العنصر اليهودي يجب أن يستوطن الأرض المقدسة ـ أرض الميعاد ـ والزحف منها إلي العالم والسيطرة عليه ، وفي ضوء هذه الغاية صيغت العناصر الجوهرية للكتب المقدسة عند اليهود ، ثم وضع التلمود محققا للخطوات التي تلت تصور هذه المطامع عند إعادة كتابة التوراة وكان ماصوره ‏"‏ فيلون ‏"‏ هو حجر الأساس للفكرة الصهيونية‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صـ31‏.‏‏]‏

وبعد عام 1897م بدأت مرحلة جديدة في حركة الشتات اليهودي وهي مرحلة دخول الفلسفة التلمودية الصهيونية مرحلتها الخطرة ‏.‏‏.‏ وذلك بتحقيق خطتهم الرامية إلي السيطرة علي المجتمع الغربي المسيحي بالثورة الفرنسية التي هي أول ثمار التلمودية الماسونية ‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، 39‏.‏‏]‏

ويصور ‏"‏وليم جاي كار‏"‏ في كتابه ‏"‏ أحجار علي رقعة الشطرنج‏"‏ الدور الخطير الذي قام به اليهود في تخريب العالم فيقول ‏:‏ ‏"‏ إن المخطط هو تدمير جميع حكومات وأديان العالم ، ويتم الوصول إلي هذا عن طريق تقسيم الجوييم ‏(‏ غير اليهود ‏)‏ إلي معسكرات متنابذة تتصارع إلى الأبد حول عدد من المشاكل التي تتولد دونما توقف ، يكون من شأنها أن ينقض هذه المعسكرات بعضها بعضا فيحطمون الحكومات الوطنية والمؤسسات والقواعد الدينية ‏.‏

وللوصول إلي الهدف‏.‏‏.‏ أشار المؤلف إلي استعمال الرشوة، والمال والجنس للوصول إلي السيطرة علي الأشخاص الذين يشغلون المراكز الحساسة علي مختلف المستويات في جميع الحكومات وفي مختلف مجالات النشاط الإنساني وتعد السيطرة علي الصحافة وأجهزة الإعلام هدف أساس في تنفيذ هذا المخطط ، بحيث ينتهي الأمر بهم إلي حملهم إلي الاعتقاد بأن تكون حكومة أممية واحدة هو الطريق لحل مشاكل العالم المختلفة ‏.‏ ‏[‏ المرجع السابق، 218‏.‏‏]‏

فإذا أضفنا إلي هذا تصريح ‏"‏ الحاخام عما نويل ديتوفيتش ‏"‏ سنة 1954م، تكتمل الصورة حيث يقول ‏:‏إن هدفناهو ‏:‏

1- إشعال نيران حرب عالمية ثالثه‏.‏‏.‏ ،

2- تحريض الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتي ،

3- اعتبار زعماء الدولتين مجرمي حرب ،

4- القضاء علي الأجناس غير الإسرائيلية،

5- قتل عشرات منهم ، سوف يجعل البشر عبيدا لنا ، وسنوجه كل مخترعات الرجل الأبيض نحو فنائه ‏.‏ ‏[‏ المخططات التلمودية، صــ221‏]‏

ويقول ‏"‏شريب سبيريه فيتش ‏"‏ في كتابه ‏"‏حكومة العالم الخفية ‏"‏ إنه يوجد ـ في أوائل القرن العشرين ثلاثمائة رجل يهودي يرأسهم أحدهم، نظامهم دكتاتوري استبدادي، ويعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم‏,‏ أشبه بحكومة خفية تحكم الشعوب بواسطة عملائها ، ولا تتواني عن قتل أو تحطيم كل من يحاول الخروج عن طاعتها أو يقف في سبيل مخططها‏,‏ ولها من القدرة والنفوذ ما يمكنها من إيصال أي حقير إلي الزعامة وقمة المسئولية ، وتحطيم أي قائد حينما تشاء ‏"‏‏.‏‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ7،8، بتصرف‏,‏‏]‏

وقال ‏"‏بنجامين فر انكلين‏"‏ ـ عند وضع دستور الولايات المتحدة ، سنة 1789م ‏:‏ ‏"‏ هناك خطر عظيم يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك الخطر العظيم هو خطر اليهود‏.‏‏.‏ ‏.‏

أيها السادة ‏:‏ في كل أرض حل بها اليهود أطاحوا بالمستوي الخلقي وأفسدوا الذمة التجارية فيها ، ولم يزالوا منعزلين لا يندمجون بغير هم ، وقد أدي بهم الاضطهاد إلي العمل علي خنق الشعوب ماليا كما هو الحال في البرتغال وأسبانيا ، منذ أكثر من 1700 سنة ، واليهود يندبون حظهم العاثر ويعنون بذلك أنهم قد طردوا من ديار آبائهم ‏!‏ ولكنهم أيها السادة لن يلبثوا إذا أعطتهم الدول المتحضرة اليوم فلسطين أن يجدوا أسبابا تحملهم علي ألا يعودوا إليها ، لماذا ‏؟‏ لأنهم طفيليات ، لا يعيش بعضهم علي بعض ، ولابد لهم من العيش بين المسيحيين وغيرهم ممن لا ينتمون إلي عرقهم ، إذا لم يبعد هؤلاء من الولايات المتحدة بنص دستورها ، فإن سيلهم سيتدفق إلي الولايات المتجدة في غضون مائة سنة ‏'‏إلي حد يقدرون معه علي أن يحكموا شعبنا ويدمروه ويغيروا شكل الحكم الذي بذلنا في سبيله دماءنا وضحينا له بأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا الفردية ، ولن تمضي مائتا سنة حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام اليهود، على حين يظل اليهود في البيوتات المالية، يفركون أيديهم مغتبطين‏.‏

إنني أحذركم أيها السادة، إنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائيا فسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم‏.‏

إن اليهود لن يتخذوا مثلنا العليا ولو عاشوا بين ظهرانينا عشرة أجيال ، فإن الفهد لا يستطيع إبدال جلده الارقط ،إن اليهود خطر علي هذه البلاد ، إذا ما سمح لهم بحرية الدخول، إنهم سيقضون علي مؤسساتنا ، وعلي ذلك لابد من أن يستبعدوا بنص الدستور ‏"‏‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ 29-31، نقلا عن مجلة‏"‏المسلمون‏"‏ العدد 7، سنة 1955، عن وثيقة في معهد بنجامين فرانكلين في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا‏.‏‏.‏‏]‏

واستمع إلي ‏"‏جون بتي‏"‏ وهو يقول‏:‏ ‏"‏ إن رؤساء أمريكا ومن يعملون معهم ينحنون أمام الصهيونية كما ينحنون أمام ضريح له قداسته ‏"‏

واقرأ ماكتيه ‏"‏وليامز انتنجاتن سماري ‏"‏ من بين المنظمات في أمريكا ‏:‏ المنظمة الصهيونية الأمريكية ، والمؤتمر اليهودي الأمريكي ، والجماعة المضادة للاساءة لليهود ، واللجنة اليهودية الأمريكية ، ولكن خلف هذا الزحف المنظم يوجد ملايين من المبشرين بالمبادئ الصهيونية ، الذين ينتظمون في مئات المنظمات اليهودية ، التي تتخذ لها أسماء ‏"‏ يد يشية ‏"‏ ‏(‏ وهمية أو هلامية ‏)‏ لا تستطيع أنت ولا أنا أن ننطقها ، فضلا عن أنهم ينشرون دعاياتهم بها ، حتي لا نعرف ماذا يقولون ولا ماذا يراد بنا‏"‏ وإليك ما قاله ‏"‏وليم أجنيز‏"‏ ‏:‏ ‏"‏ الولايات المتحدة لها رئيسان ، كما أن لها حكومتان ‏:‏ إحداهما حكومة صورية ، تضم الرئيس ونائبه والكونجرس ،والثانية حكومة حقيقية، مستترة خلف الحكومة الصورية، وهذه الحكومة لها وكلاؤها وأعضاؤها في البيت الأبيض والكونجرس، والمحكمة العليا ، والمكتب التنفيذي ، وفي جميع إدارات الحكومة، ومرافق الدولة، وأكثر من ذلك فإن هذه الحكومة الخفية أقامت رقابة علي ‏:‏ الصحف ، والراديو ، والتلفزيون ، والسينما ، والمسرح ، والمدارس ، والمعاهد ، والجامعات ، والمؤسسات التعليمية والثقافية المختلفة ، بما في ذلك الكنائس ، واللجنة اليهودية الأمريكية ليست إلا واحدة من عدة جمعيات‏,‏ تخطط السياسة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية ، وتراقب كل ما يقال أو يكتب أو ينشر ، كما تراقب الكنائس ، وتحضر الدروس الدينية للمدارس كل يوم أحد‏"‏لقد نسي ‏"‏ وليام أجبيز‏"‏ أن يذكر أن هذه اللجنة تشرف علي إفطار الرئيس ، وتشرف علي ملابس أعضاء الكونجرس ، وتختار الموسيقي لأعضاء المحكمة العليا والمكتب التنفيذي ‏.‏‏!‏‏!‏ ‏[‏ القوى الخفية، صـ 167-168‏.‏‏]‏

وكتب ‏"‏درزايئلي‏"‏ سنة 1844م ‏:‏ ‏"‏ يحكم العالم بأشخاص مختلفين اختلافا شديدا عمن يتخيلهم الناس الذي لا يعلمون مواطن الأمور ‏"‏ وهذا يعني أنهم ليسوا الملوك أو وزرائهم ، فمن هم أولئك الحكام ‏.‏‏؟‏ سر ينبغي معرفته حتي نستطيع السيطرة عليهم ونفرض السلام ‏.‏

وتصور ‏"‏بسمارك ‏"‏ المستشار الحديدي ، وجود قوي غير مرئية ، ولكنه لم يشخصها ، وسماها ‏"‏ ما لا يسبر غوره‏"‏‏.‏

وقرر ‏"‏لا مارتين‏"‏ وجود اليد الخفية ، وقال ‏"‏مازيني‏"‏ للدكتور ‏"‏بريد نستين‏"‏ إننا نرغب في قهر كل خطر ، بيد أن هنالك خطرا غير مرئي له وطأته علينا جميعا ، من أين يأتي ‏؟‏ وأين هو ‏؟‏ لا أحد يعلم ، أوعلي الأقل لا أحد يفصح عنه ، إنها مجموعة سرية منظمة تخفي حتي علينا ، نحن العريقين في أعمال الجمعيات السرية ‏"‏ ‏[‏ حكومة العالم الخفية، صـ42-43‏.‏‏]‏

فسبحان من بيده الأمر ، وهو يمهل ولا يهمل، ‏"‏ويومئذ يفرح المؤمنون‏.‏ بنصر الله‏[‏ سورة الروم‏:‏ 4، 5‏.‏‏]‏ ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‏}‏ ‏[‏ سورة الشعراء‏:‏ 227‏.‏‏]‏

 

الباب الثاني‏:‏ دور اليهود في إيذاء عيسى عليه السلام

 

مدخل‏:‏ السيد المسيح -عليه السلام- ودعوته في القرآن الكريم‏:‏

 

مولد المسيح - عليه السلام ‏:‏

المسيح عيسى ابن مريم، من آل عمران عليهم السلام الذين قال الله تعالى عنهم ‏:‏ ‏{‏إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران ، 33-34‏.‏‏]‏

حملت به أمه ‏"‏مريم بنت عمران‏"‏ بنفخة الملك، فكان حمله ومولده آية للناس ومعجزة ، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين‏}‏ ‏[‏ سورة الأنبياء‏:‏ 91‏.‏‏]‏ خلق الله عيسى عليه السلام بكلمة‏"‏كن‏"‏ ، وكان مولده في بيت لحم، وهي على بضعة كيلو مترات من بيت المقدس، ولما كان مولد المسيح على غير المألوف عند الناس تعرضت أمه العذراء للوم اللائمين ورميت بالفاحشة ، بهتانا وظلما، لكن الله تعالى تولى الرد عنها، بأن أنطق وليدها بالحق فـ ‏:‏ ‏{‏قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا‏}‏ ‏[‏ سورة مريم‏:‏ 30-33‏]‏

وذلك بعد أن أمسكت أمه عن الكلام مع القوم حين سألوها ، فلما نطق وليدها صدق به قليلون، وتمادي الآخرون في الغي والضلال فاتهموها بالفاحشة‏.‏ ‏[‏ انظر بتوسع‏:‏ المسيحية، أحمد شلبي، صـ34-37،قصص الأنبياء للنجار، صـ 452-454، قصص الأنبياء لابن كثير، صـ 351- 396، محاضرات في النصرانية، لأبي زهرة، صـ 14-18،ط/ دار الفكر العربي، الثالثة، سنة‏:‏ 1381هـ 1966م، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، جـ1، صـ 367‏.‏‏]‏

وقد علم الله تعالى المسيح عليه السلام التوراة، وآتاه الكتاب والحكم والنبوة، وبعثه نبيا على رأس ثلاثين من عمره- كما جرى على ذلك علماؤنا فيما يخص عيسى، وإن قالوا بالنبوة بعد الأربعين لغيره‏.‏

لقد جاء المسيح فدعا إلى التوحيد الخالص، وإلى الإيمان باليوم الآخر وهذا ما قرره القرآن الكريم، يقول الله تعالى على لسان عيسى‏:‏ ‏{‏إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم‏}‏0‏[‏ سورة آل عمران‏:‏ 51‏]‏

كما قال أيضا ‏{‏وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقدحرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار‏}‏ ‏[‏ سورة المائدة‏:‏ 72‏.‏‏]‏ وكان من معجزاته ‏(‏إحياء الموتى‏)‏ لهذا المعنى، وهو الإيمان بالآخرة التي أنكرها اليهود أوتناسوها، ولمحاربة المادية اليهودية حيث عكف اليهود على المادة واستغرقتهم واستولت على أهوائهم ومشاعرهم‏.‏

كما كان من أصول دعوته‏:‏التبشير برسول يأتي من بعده، والتبشير بدينه ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومـبشـرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين‏}‏ ‏[‏ سورة الصف‏:‏ 6‏]‏

والذي عبر عنه عيسى - كما في الإنجيل- باقتراب ملكوت السماوات‏.‏ ‏[‏ محاضرات في النصرانية، صـ22، 13-21،وقصص الأنبياء للنجار، صـ473-474‏.‏‏]‏

وأما رسالته فكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل‏}‏ ‏[‏ سورة المائدة‏:‏75‏.‏‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا‏}‏ ‏[‏ سورة مريم‏:‏ 30‏]‏ وقال ‏:‏ ‏{‏ورسولا إلى بني إسرائيل‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران‏:‏ 49‏]‏ فالقرآن يثبت أنه رسول ، وأن ما جاء به وحي، والكفر به كفر بجميع الأنبياء والمرسلين‏.‏‏"‏ ‏[‏ محاضرات في النصرانية، لأبي زهرة، صـ 12، بتصرف‏.‏ ‏]‏

ولقد نص القرآن الكريم على أن عقيدة المسيح هي التوحيد الكامل، التوحيد بكل شعبه، التوحيد في العبادة فلا يعبد إلا الله، والتوحيد في التكوين، فخالق السماء والأرض وما بينهما هو الله وحده لا شريك له، والتوحيد في الذات والصفات ، فليست ذاته بمركبة، وهي منزهة عن مشابهة الحوادث سبحانه وتعالى‏.‏

فالقرآن الكريم يثبت أن عيسى مادعا إلا إلى التوحيد الكامل، وهذا ما يقوله الله تعالى عما يكون من عيسى يوم القيامة من مجاوبة بينه وبين ربه‏:‏ ‏{‏ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب‏.‏ماقلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وانت على كل شىء شهيد‏}‏ ‏[‏ سورة المائدة، 116-117‏]‏

فهذا نص يفيد بصراحة أن عيسى- عليه السلام- ما دعا إلا إلى التوحيد، فغير التوحيد إذن دخل النصرانية من بعد، وما كان عيسى إلا رسول الله رب العالمين‏.‏

ولقد نزل على السيد المسيح عليه السلام كتاب هو الإنجيل ، وهو مصدق للتوراة، ومحيي لشريعتها، ومؤيد للصحيح من أحكامها ، وهو مبشر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، وهو مشتمل على هدى ونور، وهو موعظة للمتقين، وأنه كان على أهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه، ولذلك قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون‏.‏‏"‏ ‏[‏ سورة المائدة‏:‏ 47‏]‏

 

دعوة المسيح عليه السلام ‏:‏

ولقد كانت دعوة المسيح عليه السلام تقوم على أساس أنه لا توسط بين الخالق والمخلوق، ولا توسط بين العابد والمعبود، فالأحبار والرهبان لم تكن لهم الوساطة بين الله والناس ، بل كل مسيحي يتصل بالله في عبادته بنفسه، من غير حاجة إلى توسط كاهن أو قسيس أو غيرهما ، وليس شخص- مهما تكن منزلته أو قداسته أو تقواه- وسيطا بين العبد والرب في عبادته، ونعرف أحكام شرعه مما أنزل الله على عيسى من كتاب وما أثر عنه من وصايا، وما اقترنت به بعثته من أقوال ومواعظ‏.‏ ‏[‏ محاضرات في النصرانية، للإمام محمد أبي زهرة، صـ 12، 13، بتصرف‏.‏‏]‏

كما كانت دعوته عليه السلام دعوة إلى المحبة والسلام، والرفق بالضعفاء والبر بالفقراء والمساكين والمضطهدين ، والتنوية إلى التسامح والتقوى والتواضع وسائر المكارم الأخلاقية والشخصية والاجتماعية والنفسية، ونهي عن التكالب على الدنيا، والغل والحقد والحسد والكبر والأنانية والنفاق وسائر المنكرات والفواحش، وأيد الوصايا والتشريعات التوراتية مع تخفيف من التكاليف، واهتمام بالجوهر دون العرض، ونعى على اليهود- ورؤساء الدين منهم خاصة- ما ارتكبوا من انحرافات وآثام دينية وخلقية، وما دأبوا عليه من استغلال الدين والاتجار بة لمآربهم بأسلوب حكيم نافذ ممتزج بالموعظة الحسنة والأمثال البليغة بحيث كانت دعوته وبشارته معدلة ومصلحة للرسالة الموسوية‏.‏

وأضاف إلى الشريعة اليهودية أمره إلى الناس بأن يستعدوا للدخول في الملكوت بأن يحيوا حياة العدالة والرأفة والبساطة، وزاد الشريعة صرامة في مسائل الجنس والطلاق، ولكنه خففها بأن كان أكثر استعداداً للعفو، وخفف الشروط الموضوعة على الطعام والشراب، وحذف بعض أوقات الصوم وأعاد الدين من المراسم والطقوس إلى الصلاح والاستقامة، وندد بالجهر بالصلوات، والتظاهر بالصدقات ، والاحتفالات الفخمة بالجنازات وترك الناس أحيانا يظنون أن الشريعة اليهودية سوف تمحي حين يحل الملكوت‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏

هذه التعاليم والمبادئ التي نادى بها المسيح وأعلنها في بني إسرائيل مثلت اتجاها معاكسا لكثير مما كان عليه القوم من تعاليم وأفكار وقيم‏.‏

وبما أن دعوات الحق المعلنة وسط مجتمع قائم على الصراع والاستغلال تجد دائما من يناوئها ، ويسعى في مقاومتها واستئصال شأفتها، وخاصة من أولئك الذين تسلبهم هذه الدعوة متكآت الاستغلال والسيطرة والنفوذ ، حيث تكشف زيف أعمالهم وتسفر عن قبح وجوههم ، وتجلى خبث طويتهم‏.‏

ولما كانت دعوة عيسى عليه السلام واحدة من دعوات الحق فقد شكلت خطرا على قوى الاستغلال اليهودي فدخلوا معها في معركة من أخطر المعارك التاريخية التي تعرضت لها دعوات الحق، كما نال عيسى في هذه المعركة ما ناله، وكذا دعوته وأتباعه‏.‏

ولما كانت دعوة عيسى عليه السلام تمنع هؤلاء اليهود من السلطان الكاذب، وذلك بكشف زيفهم وريائهم، كما كانت رادة لهم عن الشره المادي المستنـزف لأموال الناس باسم الدين والهيكل‏.‏

وحاولت خلق إنسان يستشعر وجوده من أعماقه فيتحول بفعلها إلى إنسان لا تحول بين يقظة ضميره وبين سلوكه في الحياة عوائق من زيف الهوى وعمل المصلحة، وعملت على خلق ترابط اجتماعي من خلال العون والمعونة بأسلوب أخلاقي لايعرف المنة والاستعلاء‏.‏

ثم إن المسيح في دعوته ربطهم ببشرى أن لهم ميراث الأرض وملكوت السماوات ، ما إن أدرك سادة اليهود أن هذه الدعوة الجديدة ابتدأت تطور الأرواح وتنقى القلوب وتشفى الأمراض وتخلق في الشعب الأمل لليوم والغد، وتجمعهم وتلم شملهم إلا وقد ملأهم الخوف والفزع من أسلوب المعلم ومن إمكانية تأثيره في قلوب الجماهير المحرومة والمكافحة والمضيع جهدها ما بين تضليل السادة من قومهم واستنـزاف الدولة السيدة والمسيطرة واستغلال الوسطاء والمرابين‏.‏

ملأ هذا الخوف قلوب هؤلاء وخاصة لما أعلن المسيح تجريد بني إسرائيل من ميراثهم بقوله‏:‏‏"‏ أقول لكم إن ملكوت الله ينـزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره‏"‏‏[‏ متى، إصحاح، 21، فقرة43‏]‏

وبهذا الإعلان وبقبول بعض الأفراد هذه الدعوة وجهت الحرب للداعي والمعلم المسيح عليه السلام بصور متنوعة‏.‏

ولقد كانت دعوة المسيح عليه السلام كما ورد في بعض الآثار، وكما تضافرت عليه أقوال المؤرخين -تقوم على الزهادة والأخذ من أسباب الحياة بأقل قسط يكفى لأن تقوم عليه الحياة، وكان يحث على الإيمان باليوم الآخر ، واعتبار الحياة الآخرة الغاية السامية لبني الإنسان في الدنيا، إذ الدنيا ليست إلا طريقا غايته الآخرة، وابتداء نهايته تلك الحياة الأبدية ‏.‏

ولماذا كانت دعوة المسيح -عليه السلام- إلى الزهادة في الدنيا، والابتعاد عن أسباب النـزاع، والعكوف على الحياة الروحية‏؟‏

الجواب عن ذلك ‏:‏ أن اليهود الذين جاء المسيح مبشرا بهذه الديانة بينهم كان يغلب عليهم النزاعات المادية، وكان منهم من يفهم أن الحياة الدنيا هي غاية بني الإنسان، بل إن التوراة التي بأيديهم اليوم خلت من ذكر اليوم الآخر، ونعيمه أو جحيمه، ومن فرقهم من كان يعتقد أن عقاب الله الذي أوعد به العاصين وثوابه الذي وعد به المتقين‏,‏ إنما زمانه في الدنيا لا في الآخرة‏.‏

كما كانت دعوة المسيح -عليه السلام- تحارب اتجاهين تأصلا عند اليهود، هما‏:‏

1- شغفهم بالمادة وإهمالهم الناحية الروحية فيهم‏.‏

2- ادعاؤهم أنهم شعب الله المختار ، وادعاء أحبارهم الصلة بين الله والناس، وبدونهم لا تتم الصلة بين الخالق والمخلوق‏.‏

ولشد ما كان ارتياع اليهود وغضبهم عندما شهدوا يسوع يكتسح أمامه كل ما يعتزون به من ضمانات، إذ يعلم الناس أن الله ليس من المساومين، وأن ليس هناك شعب مختار، وأن لا أحظياء في مملكة السماء، وأن الله هو الأب المحب لكل الأحياء، وأنه لا يخص جنسا برعاية، فالخلق عنده سواء‏.‏

وبسبب هذا الموقف تعرض عيسى إلى عداء بني إسرائيل وسخطهم، ولم يؤمن به إلا قليلون منهم، فقد انتظروه مسيحا يبسط سلطان بني إسرائيل على العالم أجمع، ولكن خابت آمالهم فيه، ثم عندما رأوا أن بعض الضعفاء اتبعوه، ورأوا أن دعوته تتجه ضد الكهنة خافوا أن تنتشر مبادئه، فأغروا به الحاكم الروماني، ولكن الرومانيين كانوا وثنيين ولم يكونوا على استعداد للدخول في الخلافات الدينية بين اليهود، ولم تكن دعوة المسيح التي أعلنها إلا اصلاحا خلقيا ودينيا فلم تتصل دعوته بالسياسة، ولم تمس الحكومة من قريب أو من بعيد، ولذلك لم يستحق غضب الرومان، ولكن اليهود تتبعوا عيسى لعلهم يجدون منه سقطة تثير عليه غضب الرومان، فلما لما يجدوا تقولوا عليه وكذبوا، فأغضبوا الحاكم الروماني على عيسى، فأصدر أمره بالقبض عليه، وحكم عليه بالإعدام صلبا‏.‏ وكان الكهنة وغوغاء أورشليم المتمسكون بعقيدتهم السابقة أكبر المتهمين ليسوع‏.‏ ‏[‏ المسيحية ، د/ أحمد شلبي، صـ46-47، بتصرف‏.‏‏]‏

لقد عاني السيد المسيح أشد عناء من طوائف اليهود، ومع الخلاف بين هذه الطوائف ‏(‏الكهنة والفريسيون والصدّيقيون‏)‏ فإنهم جميعا اتفقوا على محاربة دعوة المسيح والوقوف منها موقف هجوم وصراع، ولذلك هاجمهم السيد المسيح عدة مرات، وأبرز انحلال أخلاقهم وبعدهم عن جادة الصواب، ومن بين ما قال لهم في هذا المجال‏:‏

‏"‏ قالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين ، فافرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات فإنهم هكذا طردوا الأنبياء من قبل‏.‏‏"‏ ‏[‏ إنجيل متى، 11-12‏]‏

- احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة‏.‏ ‏[‏ متى7‏:‏15‏]‏

- يا أولاد الأفاعي كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار‏.‏‏.‏‏.‏ جيل شرير وفاسق، أنتم أيها الكتبة والفريسيون‏.‏ ‏[‏ متى 12‏:‏34، 38‏]‏

- ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس، فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون، ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل، ولعلة تطيلون صلواتكم، لذلك تأخذون دينونة أعظم، ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون للقادة العميان، أيها الحيات أولاد الأفاعي‏.‏ ‏[‏ متى 23‏:‏12 وما بعدها‏.‏‏]‏ا‏.‏هـ‏[‏ المسيحية، د/ أحمد شلبي، صـ 38، 33، بتصرف، ط/ مكتبة النهضة المصرية، ‏(‏العاشرة‏)‏ سنة 1993م‏.‏‏]‏

 

الفصل الأول ‏:‏ إيذاء اليهود للمسيح عيسى ابن مريم- عليه السلام

لقد كان إيذاء اليهود- عليهم لعنة الله - للمسيح- عليه السلام- كثيرا ومتنوعا، وسنكتفي هنا بذكر أهم نقاط الإيذاء التي أشرنا إليها إجمالا في بداية هذا الباب‏:‏

 

المبحث الأول‏:‏ اتهام عيسى بأنه ابن زنا‏:‏

لقد زعم اليهود وبئس ما زعموا- أن عيسى ابن مريم ‏"‏عليه السلام‏"‏ ابن زنا، وأنه من سفاح، وأشاعوا ذلك فيما بينهم، وكان ذلك منذ ولدته أمه، ثم سكتوا عنه ، حتى قام فيهم بدعوته،- نبيا ورسولا- فلم تعجبهم دعوته، إذ أرادوه ملكا، يعيد إليهم ملكهم المفقود، ومجدهم التليد، ودولتهم السليبة، فإذا به يدعوهم إلى الدار الآخرة ، بدعوة روحانية، بعيدا عن الماديات التي طغت عليهم، لتكون دعوته علاجا لما هم فيه، ودواء لما أصابهم من أدواء، فتردهم إلى الجادة، وتعود بهم إلى الصراط المستقيم، لقد أرادوه مسيحا مخلصا لهم، وانتظروه فلما جاء المسيح تأهبوا لتنصيبه ملكا عليهم، فلما أحس عيسى عزمهم على هذا تركهم إلى الجبل ، فإذا بهم ينكرون دعوته، ويناصبونه العداء، ثم أرادوا تشويه صورته أمام الناس ليرفضوا رسالته، فزعموا زعمهم القديم بأنه ابن زنا، وأن أمه لم تتزوج، وإنما حملت به من سفاح، من ‏"‏باندارا العسكري‏"‏ أو من ‏"‏يوسف بن النجار‏"‏‏!‏‏!‏

ولا يعلّم سوى الهرطقة والكذب التي يستحيل على العقل إدراكها، وإذا كان المسيح كافرا مرتدا فإن تعاليمه - بناء على ذلك- لا تعدوا إلا أن تكون كذبا وتلفيقا لا يصح التعبد بها‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏فضح التلمود، صـ 55-57 ، الكنز المرصود في فضح التلمود، صـ 258-260، جذور الفكر اليهودي، صـ 86، جنايات بني إسرائيل، صـ156-160‏]‏ وعجبا لأمر المسيح بين اليهود والنصارى، فاليهود قالوا عنه - وبئس ما قالوا-‏"‏ ابن زنا‏"‏‏!‏ ‏{‏كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا‏}‏ ‏[‏ سورة الكهف‏:‏ 5‏.‏‏]‏ والنصارى قالوا عنه

- وكبر ما قالوا-‏"‏ ابن الله‏"‏‏!‏‏!‏ ‏{‏لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار‏.‏‏}‏ ‏[‏ سورة الزمر‏:‏4‏]‏

‏{‏قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين، سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون‏}‏ ‏[‏ سورة الزخرف‏:‏ 81-82‏]‏

وأكرم بالإسلام من دين ، اختص بالوسطية، فبرأ ساحة ‏"‏عيسى‏"‏ من الزعمين ، ونزهه من الاتهامين، وقال عنه‏:‏ ‏{‏إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل‏}‏ ‏[‏سورة الزخرف‏:‏ 59‏]‏

كما قال أيضا‏:‏ ‏{‏ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون‏}‏ ‏[‏ سورة المائدة‏:‏ 75‏]‏

كما قال أيضا‏:‏ ‏{‏ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران‏:‏ 45-46‏]‏

كما طعن اليهود في أمه مريم رضي الله عنها‏:‏ لما جاء عيسى - عليه السلام- إلى الدنيا على خلاف ما جرت به عادة النساء غير أمه- عليه السلام- حيث ولد بلا أب، كان هذا أمرا عجيبا وخاصة بين هؤلاء الماديين‏.‏ فاتخذ اليهود من مولده - الذي لم تستطع عقولهم القاصرة وقلوبهم المنكرة أن تستوعبه مدعاة للطعن في أمه - عليهما السلام- فرموها بالزنا وارتكاب الفاحشة وهي البتول الطاهرة‏.‏

واعتقدوا أن المسيح -عليه السلام- ولد من الفحشاء، وأن مريم خانت حياءها وعفتها فيه، وأتت به بطريق بشري غير شرعي أثناء الحيض، وهذا الأمر ليس غريبا على اليهود الذين تطاولوا على خالقهم، وقتلوا أنبياءهم ورموهم بأفحش الفري‏.‏

ولعل الذي دفع اليهود إلى هذا الاعتقاد هو أنهم لبذاءة في أنفسهم جبلوا عليها ينظرون إلىجانب الشر دون الخير فيميلون دون شعور منهم إلى تصديق الجانب الشرير في الإنسان ويرجحونه على جانب الفضيلة‏.‏ ‏[‏ الجدل اليهودي في مواجهة العقيدة الإسلامية، رسالة ماجستير د/ عثمان علام، أصول الدينن فرع الزقازيق، مصر، صـ 236، بتصرف‏.‏‏]‏

لقد واجه اليهود نبيهم عيسى - تلميحا- بهذا الطعن، يظهر ذلك من قولهم له‏"‏ نحن لم نولد من زنا‏"‏‏.‏‏[‏ إنجيل يوحنا، إصحاح8‏(‏41‏)‏‏]‏

تلميحا له أنه هو الذي ولد من الزنا- وحاشا لله- أن يبعث رسولا يدعو إليه، وقد تدنس نسبه بالفاحشة‏.‏

ولما عرض عيسى - عليه لسلام- دعوته على القوم ‏"‏ استقبله ناس من اليهود فلما رأوه قالوا‏:‏ جاء الساحر ابن الساحرة، الفاعل ابن الفاعلة، وقذفوه وأمه‏"‏‏[‏ فضح التلمود، صـ55-57، الكامل لابن الأثير ج1، صـ 1101، ط/ الخمسة، بيروت، دار الكتاب العربي، 1405هـ/1985م‏.‏ إسرائيل والتلمود، صـ 60-61‏]‏

ولا يتصور منهم أن يؤمنوا به وهم يظنون به هذا الظن، ويعتقدون فيه هذا الاعتقاد، واستبدلوا احترامه بالازدراء والاحتقار، فسموه أسماء صريحة أحيانا، وأحيانا أخرى غير صريحة، لكن يفهم منها أنه هو المراد، وتشير هذه الأسماء إلى احتقارهم له‏.‏

وذلك كما جاء في كثير من فقرات التلمود- كما سبق أن ذكرنا- تحتوي على اسم المسيح بغير صراحة حقدا وحسدا، فمثلا يقول‏:‏‏"‏ ذاك الرجل‏"‏، أو ‏"‏ الرجل الذي شنق‏"‏ أو ‏"‏ابن النجار‏"‏ ويصفونه بالساحر، المشعوذ، المجنون، المخبول، روح شيطان، ومضلل، مدفون في جهنم، لأنه وثن‏.‏ إنه يسوع المسيح الذي ارتد عن دين اليهود وعبد الأوثان‏.‏ ‏[‏ راجع بتوسع‏:‏ فضح التلمود، صـ57-84،اليهود تاريخ وعقيدة، صـ151‏.‏‏]‏

ومعلوم أن التلمود كتاب مقدس يؤمن اليهود بتعاليمه، وهو أساس تربيتهم الدينية مع التوراة، كما سبق بيانه، وبهذا كفر اليهود بعيسى بحكم نظرتهم إليه من ناحية المولد‏.‏ ‏[‏ حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى، صـ 108،بتصرف‏.‏‏]‏

وأيضا فالمسيح عيسى ابن مريم عند اليهود يشار إليه بكلمة‏"‏يشو‏"‏ العبرية، ويشار إليه في التلمود بوصفه ‏"‏ابن العاهرة‏"‏ كما يشار إلى أن أباه جندى روماني حملت منه مريم العذراء سفاحا، أما كلمة‏"‏ ماشيح‏"‏ فإنها تشير إلى المسيح المخلص اليهودي الذي سوف يأتي في آخر الأيام‏.‏ ويشير التلمود إلى أن صلب المسيح تم بناء على حكم محكمة حاخامية ‏"‏ السنهدرين‏"‏ بسبب دعوته اليهودية إلى الوثنية ، وعدم احترامه لسلطة الحاخامات ، وكل المصادر الكلاسيكية اليهودية تتحمل المسئولية الكاملة عن ذلك ، ولا يذكر الرومان بتاتا في تلك المصادر‏.‏

وظهرت كتب مثل‏"‏توليدوت يشو‏"‏ ‏(‏ميلاد المسيح‏)‏ وهي أكثر سوءا من التلمود نفسه وتتهم المسيح بأنه ساحر‏.‏

واسم المسيح نفسه‏(‏يشو‏)‏ اسم مقيت ولكن يفسر على أنه كلمة مركبة من الحروف الأولى لكلمات أخرى ‏.‏

وقد أصبحت الكلمة عبارة قدح في العبرية الحديثة، فيقال‏"‏ناصر يشو‏"‏ وهي تساوي ‏"‏ليفن اسم ناصر، ولتفن ذكراه‏"‏ وهكذا‏.‏

ولا تساوي اليهودية الحاخامية المسيحية بالإسلام ، فهي تعتبر أن المسيحية شرك ووثنية ، ولكنها لا تري أن الإسلام كذلك‏.‏

و‏(‏توليدوت يشو‏)‏ عبارة عبرية تعني ‏(‏حياة المسيح‏)‏ وهي عنوان كتاب كان متداولا بين أعضاء الجماعات اليهودية في العصور الوسطى في الغرب، ويقدم هذا الكتاب التصور اليهودي لمولد وحياة المسيح‏.‏ وقد تداخلت عدة عناصر لتكون هذه الصورة من بينها بعض أقسام التلمود‏.‏ ويقدم الكتاب أحيانا صورة إيجابية إلى حد ما للعذراء مريم أم المسيح، فهي من عائله طيبة وتعود جذورها لبيت داود، أما أبو المسيح فهو رجل شرير قام باغتصابها ثم هرب‏.‏

وبين الكتاب أن المسيح شخص يتمتع بذكاء عال ولكنه لا يحترم شيوخ البلد وحكماءها‏.‏

وهو يتمتع بمقدرات عجائبية لأنه سرق أحد الأسماء السرية للإله من الهيكل ، ومع هذا ينجح أحد فقهاء اليهود في إبطال سره، وتوجد تفاصيل أخرى في الكتاب أكثر بشاعة وقبحا‏.‏ ويهدف الكتاب إلى تفريغ قصة المسيح من أي معنى روحي‏.‏ كما أنها تحاول تفسير المعجزات التي تدور حول المسيح بطريقة تكشفها وتنـزع عنها أي سحر أو جلال أو هالات دينية‏.‏

وهذا الكتاب يسبب كثيرا من الحرج للجماعات اليهودية حينما تكتشف السلطات أمره، ولذا كان بعض الحاخامات يحرصون على تأكيد أن يسوع المشار إليه في الكتاب ليس المسيح وإنما هو شخص يحمل هذا الاسم عاش قرنين قبل الميلاد‏.‏ ‏[‏ انظر‏:‏ يسوع والأناجيل تأليف جو ن و‏.‏درين، ج5، صـ 340-341‏.‏‏]‏

ولم يكتف اليهود بالزعم أن عيسى عليه السلام ابن زنا، حتى اتهموه هو أيضا بالزنا، ففي كتاب يسمى ‏"‏إنجيل الشيطان‏"‏ اتخذه عبدة الشيطان كتابا مقدسا لهم، نجد في هذا الكتاب - فضلا عما فيه من إنكار وجود الله والتصريح بأن الأنبياء والرسل كذابون، وأنه لا قيامة ولا دينونة‏.‏‏.‏‏.‏ وأن عباد الشيطان هم الغالبون الفائزون إلى الأبد، وأن الحياة مال وجنس ‏.‏‏.‏ هو يسخر كثيرا من المسيح وأمه ‏.‏

هذا ‏.‏‏.‏‏.‏ وقد نشرت ‏"‏دار النشر في ‏"‏نيويورك‏"‏كتابا عن المسيح بعنوان‏"‏ التجربة الأخيرة للمسيح‏"‏ ومما جاء في هذا الكتاب صفحة 86‏:‏‏"‏وكانت المجدلية ابن خالة عيسى ابن مريم- مستلقية على ظهرها في الفراش عارية، مبللة بالعرق‏.‏‏.‏‏.‏ وكان شعرها الفاحم منشورا على وسادتها، وكانت يداها متشابكتين تحت رأسها ، وكانت منهوكة القوى، لأنها كانت تضاجع الرجال، منذ الظهر ، وخفض ابن مريم نظره، ووقف وسط الغرفة غير قادر على الحركة‏.‏

ثم جاء في صفحة 450 من الكتاب نفسه ما يلي‏:‏‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏ وأمسك بها يسوع وطبع علىفمها قبلة ملتهبة فامتقع لونها واصطكت ركبتاها، فتساقطا تحت شجرة ليمون مزهرة، وأخذا يتدحرجان على الأرض حتى طلعت الشمس، ووقفت بينهما وهب نسيم عليل أسقط أزهار الليمون على جسديهما العاريين فضمت المجدلية يسوع إليها وألصقت جسدها بجسده‏.‏

وفي صفحة 482 يقول الكتاب، على لسان يهودا الإسخريوطي‏:‏‏"‏ وعندما واجه المسيح الصلب داخ، وأغمي عليه فأمسكت به نسوة كن موجودات فأسعفنه وضاجعنه كي ينجبن أولادا‏"‏‏.‏

وبذكر الأستاذ عبد الله التل أن هذه الدار تصدر في كل عام عدة كتب من هذا النوع، وتذيل كل كتاب بعبارة‏:‏‏"‏ إذا استمتعت بقراءة هذا الكتاب ، فعندنا عدد كبير من الكتب الأخرى في انتظارك‏.‏‏"‏ ‏[‏ خطر اليهودية العالمية، عبد الله التل، صـ 34-35، بتصرف، نقلا عن كتاب القوى الخفية، صـ159-161‏.‏‏]‏

 

موقف القرآن من مولد عيسى عليه السلام‏:‏

الله سبحانه وتعالى يصطفى رسله من بين خلقه، هذا الاصطفاء يقتضى أن يكون الرسول أشرف الناس نسبا وأطهرهم قلبا، وأزكاهم نفسا، وأرجحهم عقلا، بحيث يخلو من أي خلل ينتقص به أو أمر يعاب عليه‏.‏

وحديث القرآن الكريم عن مريم - وهي أم نبي من أنبياء الله تعالى - حديث مفعم بالأدب ، فهو يتحدث عن عفتها وبراءتها التامة مما رماها به اليهود‏.‏

أما عن الاصطفاء والطهارة فيقول تعالى‏:‏ ‏{‏ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران ‏:‏42‏]‏

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ‏:‏ ‏"‏ قال رسول الله صلى اله عليه وسلم ‏"‏ كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام‏.‏‏"‏ ‏[‏ أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله عنها، حديث رقم‏(‏3769‏)‏‏]‏ وأما عن عفتها وبراءتها من الفاحشة فيقول تعالى‏:‏ ‏{‏ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين‏}‏ ‏[‏ سورة التحريم‏:‏12‏]‏

وقال أيضا‏:‏ ‏{‏والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين‏}‏ ‏[‏ سورة الأنبياء ‏:‏91‏]‏

ويلعن اليهود بكفرهم وافترائهم على مريم البهتان، فيقول‏:‏ ‏{‏وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما‏}‏ ‏[‏ سورة النساء‏:‏ 156‏]‏

فقد استحقوا اللعنة بكفرهم وافترائهم على السيدة العذراء بهتانا عظيما، وهو الزنا‏.‏ ‏[‏ حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى، صـ109-110‏,‏ بتصرف‏.‏‏]‏

 

الحمل بالمسيح وولادته‏:‏

حملت العذراء البتول مريم بالسيد المسيح عليه السلام وهوالأمر الذي اجتباها الله له، واختارها لأجله، ولقد فوجئت به، إذ لم تكن به عليمة، فبينما هي قد انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، أرسل الله إليها ملكا تمثل لها بشرا سويا‏"‏كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا‏.‏ فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا‏.‏ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا‏.‏ قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا‏.‏ قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا‏.‏ قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا‏.‏ فحملته فانتبذت به مكانا قصيا‏.‏ فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا‏}‏ ‏[‏ سورة مريم‏:‏ 16-23‏]‏

حملت السيدة مريم البتول بعيسى من غير أب، ثم ولدته ولم تبين الآثار مدة الحمل، ولما ولدته وخرجت به على القوم كان ذلك مفاجأة لهم، سواء في ذلك من يعرف نسكها وعبادتها ومن لا يعرف، لأنها فاجأتهم بأمر غريب وهي المعروفة بينهم بأنها عذراء ليس لها بعل، فكانت المفاجأة داعية الاتهام، لأنه عند المفاجأة تذهب الرؤية ، ولا يستطيع المرء أن يقابل بين الماضي والحاضر، وخصوصا أن دليل الاتهام قائم، وقرينته أمر عادي لا مجال للريب فيه عادة، ولكن الله سبحانه وتعالى رحمها من هذه المفاجأة،

فجعل دليل البراءة من دليل الاتهام لينقض الاتهام من أصله، ويأتي على قواعده ويفاجئهم بالبراءة وبرهانها الذي لايأتيه الريب، ليعيد إلى ذاكرتهم ما عرفوه من نسكها وعبادتها، ولذلك نطق الغلام، وهو قريب عهد بالولادة، ‏{‏فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا‏.‏ قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا‏.‏ وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا‏.‏ وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا‏.‏ والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا‏}‏ ‏[‏ سورة مريم‏:‏ 29-33‏]‏

- ومع ذلك أكثر اليهود فيه وفي أمه القول وكانوا يسمونه ابن البغية‏!‏

ومع أن العهد القديم بشر بالمسيح لكن لما بعثه الله إلى اليهود كفروا به وكذبوه واتهموه وحاربوه‏.‏ ‏[‏ معالم النصر على اليهود، د/ سعد المرصفى، صـ 52، بتصرف‏.‏‏]‏

ولكن السمو الذي يتحلى به الإسلام انتصارا للحق في الدفاع عن السيد المسيح وأمه مريم- عليهما السلام - مما ألصق بهما اليهود زورا وبهتانا، لذلك أورد القرآن الكريم كل هذه الآيات في حق عيسى وأمه مما أشرنا إلى بعضها‏.‏

فهذه مريم ذكرت 37 سبع وثلاثون مرة، والمسيح وقد ذكر أكثر من ‏"‏50‏"‏ خمسين مرة ‏.‏

ومكانة ‏"‏عيسى‏"‏ عليه السلام وأمه في الإسلام معروفة، لا يصح إيمان عبد إلا بالشهادة له، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم -‏:‏‏"‏ من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته، ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل‏.‏‏"‏ ‏[‏ متفق عليه‏.‏‏]‏

فما معنى الروح التي ذكرت في الآيات ، أو الأحاديث‏؟‏ في مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا‏}‏ ‏[‏ سورة مريم‏:‏ 16‏]‏ فهي هنا بمعنى ‏(‏جبريل‏)‏ وفي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران ‏:‏ 59‏]‏بمعنى ‏:‏القوة التي تحدث الحياة في الكائنات‏.‏

وهي التي عناها الله سبحانه بقوله‏:‏ ‏{‏ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي‏}‏ ‏[‏ سورة الأنبياء ‏:‏91‏]‏

فهي من علم الله وأن الله سبحانه خص نفسه بمعرفة كنهها وهو وحده الذي يمنحها القوة فتدب الحياة في أصحابها، أو يأخذها فتصبح الأجسام هامدة‏.‏

وهذه القوة التي أودعها الله عز وجل في آدم، وهي بلغه القرآن ‏"‏ النفخ فيه من روح الله ‏"‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين‏}‏‏[‏ سورة الحجر ‏:‏29، ص‏:‏72‏]‏

أي أودعته القوة التي لا يعرفها ولا يسيطر عليها سواه، فجاء آدم‏.‏

وأودع هذه القوة رحم مريم العذراء التي أحصنت فرجها والتزمت العفاف وعدم مخالطة الرجال، ونتيجة لنفخ روح الله في رحم مريم، أي إيداع الله القوة التي تخلق الكائن الحي في رحم السيدة العذراء، جاء السيد المسيح، ومن هنا تجئ الآية الكريمة ‏{‏إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون‏}

كما قال الله تعالى عن جنس الإنسان ‏:‏ ‏{‏ ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون‏}‏ ‏[‏ سورة السجدة‏:‏ 9‏]‏

وأيضا فإن الله تعالى أعطى لعيسى عليه السلام هذه القوة ليستعملها- كمعجزة أمام بني إسرائيل - في هيئة الطير التي صنعها من الطين ، ثم نفخ فيها فأصبحت طيرا بإذن الله كما قال تعالى ‏{‏ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران‏:‏49‏]‏

وما معنى النفخ - الوارد في الآيات‏؟‏ قال الباحثون المسلمون ‏:‏ إن معنى النفخ هو تحصيل آثار الروح، أي أن تدب الحياة في الأجساد ، ويقولون‏:‏ إن منح الله القوة في كل الأرحام ضروري للحمل والحياة، وأن كثيرا من الأزواج يلتقون بزوجاتهم، ولا يحصل حمل مدة من الزمن، لان الله سبحانه لم يمنح هذه القوة التي يبدأ بها الحمل أو تبدأ بها الحياة ثم يتفضل الله عندما يشاء، فيمنح هذه القوة ويبدأ الحمل، ومعنى هذا أن نفخ الروح في الأرحام ضروري لكل البشر، وإنما ورد النص في حالتي آدم وعيسى، لأن الخلق في آدم، والحمل في عيسى جاءا بغير الطريق الطبيعي، ولكن بالنسبة لله سبحانه وتعالى تستوي كل الطرق‏.‏

ولعله يرتبط بهذا ما ذكره ابن هشام حول تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ‏}‏ ‏[‏ سورة آل عمران‏:‏ 8‏]‏

فإنه يذكر أن عيسى عليه السلام كان ممن صور في الأرحام كما صور غيره من بني آدم‏.‏ ‏[‏ سيرة ابن هشام، ج2، صـ 161، نقلا عن كتاب المسيحية د/أحمد شلبي، صـ39‏]‏

وعلى هذا فكلمة النفخ التي تكرر ورودها في القرآن الكريم متصلة بخلق آدم، أو بخلق عيسى عليهما السلام، أو بخلق طير من الطين، أو متصلة بالنفخ في الصور، نذكر أن المفسرين يرون أن معنى النفخ هو تحصيل آثار الروح ، أي أن تدب الحياة ، فهو تسلط الإرادة بالحياة في حالة آدم وعيسى وهيئة الطير التي أعدها عيسى، وتسلط الإرادة بالبعث يوم القيامة ، وكلمات المفسرين التفصيلية هي‏:‏ أصل النفخ ‏:‏إجراء الريح في تجويف جسم آخر، ولما كان الروح يتعلق أولا بالبخار اللطيف المنبعث من القلب ، وتفيض به القوة الحيوية فيسري حاملا لها في تجويف الشرايين إلى أعماق البدن جعل التعلق بالبدن نفخا، والمقصود تعلق الإرادة على كل حال‏.‏

وعلى هذا فخلق عيسى على هذا النمط هوعلى نمط خلق آدم، وخلق الطائر من الطين الذي جعله عيسى على هيئة الطير وهو تصرف لا يحتاج لجهد، ولكن المسيحيين عندما اتخذوا ذلك وسيلة لتأليه‏"‏عيسى ‏"‏عقدوا الأمور، وصوروا عيسى ابن الله ، والله سبحانه لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد‏.‏‏"‏ ‏[‏ المسيحية، د/أحمد شلبي، صـ38-41،‏]‏

وأين هذا من قدرته تعالى‏؟‏ القائل‏:‏ ‏{‏إنما قولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ‏}‏ ‏[‏ سورة النحل‏:‏ 40‏]‏

ولذلك فكما بينا معنى‏"‏الروح‏"‏ و‏"‏النفخ‏"‏نذكر معنى الكلمة التي وردت في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‏}‏ ‏[‏ سورة النساء‏:‏171‏]‏

والكلمة هي كلمة التكوين، أن يقول للشىء ‏"‏كن ‏"‏ فيكون‏.‏

· وهذا استئناس بالإنجيل في موقفه الذي يتفق مع القرآن في قصة مولد عيسى عليه السلام، حيث يشترك الإنجيل مع القرآن، في تبرئة أم عيسى مما رماها بها اليهود ، من فاحشة وخيانة، فتذكر الأناجيل أن أم عيسى قد حملت به قبل أن تتصل بيوسف النجار، وأن حملها تم وهي مازالت بكرا لم يقربها إنسان‏.‏

يقول متى‏:‏‏"‏ أما يسوع المسيح فقد تمت ولادته هكذا ‏:‏كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف، وقبل أن يجتمعا معا ، وجدت حبلى من الروح القدس، وإذ كان يوسف خطيبها بارا ولم يرد أن يشهر بها قرر أن يتركها سرا، وبينما كان يفكر في الأمر إذا ملاك من الرب قد ظهر له في حلم يقول يا يوسف بن داود، لا تخف أن تأتي بمريم عروسك إلى بيتك، لأن الذي هي حبلى به إنما هو من الروح القدس، فستلد ابنا وأنت تسميه ‏"‏يسوع‏"‏ لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم، حدث هذا كله ليتم ما قاله الرب بلسان النبي القائل ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏، ولما نهض يوسف من ونومه فعل ما أمر به الملاك الذي من الرب، فأتى بعروسه إلى بيته ولكنه لم يدخل بها حتى ولدت ابنا فسماه يسوع‏"‏‏[‏ متى ، إصحاح، 1‏(‏18-25‏)‏ بتصرف‏.‏‏]‏

وكذلك نص إنجيل لوقا ببراءة مريم بكلام قريب المعنى من هذا، لكن فيه تفصيل كثير‏.‏ ‏[‏ لوقا، إصحاح، 2‏(‏1-40‏)‏‏]‏

فالأناجيل كلها تتفق على براءة مريم العذراء مما افتراه يهود‏.‏ وكما قال الله تعالى ‏{‏ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون‏}‏‏[‏ سورة آل عمران‏:‏59‏]‏

إن من يرى قدرة الله تعالى في خلق آدم عليه السلام من تراب ، ومن غير أب ولا أم، لا يتعجب من خلق عيسى من أم دون أب، فإن الذي خلق آدم من غير أب ولا أم، وخلق حواء من غير أم، قادر على أن يخلق عيسى من غير أب، وما العجب في ذلك، وقد تنوعت دلائل قدرته تعالى، فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر دون أنثى، وخلق عيسى من أنثى دون ذكر، وخلقنا جميعا من ذكر وأنثى، فتمت دلائل قدرته- سبحانه وتعالى- وذلك كله ليس بشىء إذا قيس إلى قدرته تعالى في خلق السماوات والأرض ، كما قال‏:‏ ‏{‏ لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏}‏ ‏[‏ سورة غافر ‏:‏57‏]‏

ودلائل قدرته تعالى في سائر المخلوقات والأشياء ‏:‏ ‏{‏وما كان الله ليعجزه من شىء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا‏}‏ ‏"‏‏.‏‏[‏ سورة فاطر‏:‏ 44‏]‏

وإن خلق عيسى من غير أب ليس بأعجب من خلقنا نحن من نطفة أو من ماء مهين‏.‏ فسبحان الله ‏{‏سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون‏}‏ ‏[‏ سورة يس‏:‏36‏]‏إن خلق عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر معجزة إلهية، اراد الله تعالى أن يعلم بها بني إسرائيل -وغيرهم- أن قدرته لا تتوقف في الخلق على تزاوج ذكر وأنثى، ولا تتوقف على الأسباب المادية، وإنما الله تعالى قادر على أن يخلق بأسباب ، وبغير الأسباب، بل وبضد الأسباب، فسبحان من أمره بين الكاف والنون‏{‏إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون ‏}‏ ‏[‏ سورة يس‏:‏82-83‏]‏

 

المبحث الثاني‏:‏ زعموا عليه في دعوته مزاعم

منها‏:‏ أنه قال لهم ‏:‏إنه ابن الله ، وأنه ما جاء من هذا العالم ، وإنما جاء من السماء، وأنه سيكون ملكا عليهم ، وأنه لن يموت وإنما سيجلس عن يمين الرب‏!‏‏!‏

أنه سينقض الهيكل ثم يبنيه‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

ولما كان بناء هيكل سليمان - بيت إله بني إسرائيل في أورشليم - هو أهم مخططاتهم ومعتقداتهم ، وقد جاء المسيح - عليه السلام- فوجد اليهود يزعمون بأن العبادة لا تقبل إلا في الهيكل ، على أساس أنه بيت الرب،أي مسكنه الذي يسكن فيه، فصحح المسيح لهم هذا الزعم، وذكر لهم أن الله تعالى أجل من أن يسكن هذا المكان ، وهو الذي وسع كرسيه السموات والأرض، وبين لهم بأن عبادته سبحانه في كل مكان، جائزة في كل الأرض وفي كل البيوت، وبهذا أنهى المسيح دور الهيكل في خياة اليهود، فحقدوا عليه لذلك وحاربوه‏.‏ ‏[‏ القوى الخفية، صـ43،‏(‏ هامش‏)‏ وجذور الفكر اليهودي، صـ 161، بتصرف‏.‏‏]‏

ولذلك زعموا ضده مزاعم عند الوالي الروماني، بأنه ملك اليهود، وبأنه ابن الله‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏الخ

وكانت محاكمة ملفقة، ولم تكن سوى مواقف المهاترة التي أرادها القوم في حوارهم مع السيد المسيح، التي ضللت الجماهير اليهودية، وجعلتهم في موقف رفض وثورة وتمرد وسخط على المعلم ، حتى صارت كأنها تظاهرة ضد المسيح‏.‏ إنها غوغائية الشعب اليهودي، وبهيمية طبعه واندفاعه الأعمى والأحمق وهو يطارد في النهاية داعي الحب والسلام، لماذا ‏؟‏

لقد رفض السيد المسيح عليه السلام كل ما كان عليه الإسرائيليون وما يحملونه من ميراث مدعي يحوى دعوى العنصرية، والانغلاقية والتي بها استطاعت فئات أن تكون لنفسها مجتمع السادة الذين يحيون الحياة بكل إمكانيات الاستغلال والسيطرة، لقد رفض السيد المسيح حياة النفاق في مجتمع إسرائيل‏.‏ لقد رفض التناقضات التي تضج بها آيات العقيدة الدينية عند القوم، وما أكثر الاضطراب والخلل بين كل ما ساقه القوم من آيات العقيدة، وزيف ميراث التاريخ المدعى‏.‏

ومن ثم فإن اليهود- بعد أن كشف المسيح عوراتهم وأظهر سوءاتهم وفضح أحوالهم، ووصفهم بالخراف الضالة - رفضوا دعوته، ولم يستأنسوا، ولم يتقبلوا آيات الدعوة، وإنما انتقل الطبع الملتوى والخلق النهاز إلى توحش حيواني مفترس لا يعرف في اندفاعه الحيواني- بعيدا عن دنيا الروح ونقاء الضمير- الفرق بين طبيعة الخلق السوي والرفض العنصري الشاذ، ولا الفرق في طبيعة الحياة بين ما هو إنساني، وبين ما هو ضد الطبيعة الإنسانية، فأمام ضرورة أن يتخلص القوم الثائرون المتمردون الساخطون على تعاليم المعلم ومنهجه، فإنهم لم يكونوا بقادرين على أن يدركوا خطر الجهال عليهم والأدعياء بينهم والقوى المستغلة لقدراتهم وحياتهم ، ومع كل ذلك فإنهم قد قرروا التخلـص منـه والقضاء عليه‏.‏‏"‏‏!‏‏!‏

لقد جاءت القوى المتربصة الشريرة، وقد انعدمت منهم أدنى أعمال العاطفة أو الخلق أو الضمير من أجل القبض على المسيح الذي لم يدع إلا إلى القيم والحب والتطهر والنقاء، والذي أراد أن يحيي الأمل في قلوب الحزاني والجياع والمساكين، ولكنه في نظر اليهود من الخطاة والمجرمين‏.‏‏!‏‏!‏

وفي مشهد الغوغائين اندلعت المؤامرة وظهرت السخرية ، وبدا التلفيق يوجه ضد السيد المسيح ، بأنه تعرض لسلطان الدولة، وجرح قداسة الدين ، وأنه قال‏:‏ إني أقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام أبنيه‏.‏ ‏[‏ التاريخ اليهودي العام، د/ صابر طعيمة، صـ359-356، ط/ دار الجيل، بدون ذكر التاريخ والطبعة‏.‏‏]‏

‏"‏ولقد قال لهم يسوع‏:‏ - من قبل- أما قرأتم قط في الكتب، الحجر الذي رفضه البناءون ها هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعينننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينـزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه‏.‏‏"‏

وبهذا التصور العظيم الذي ساقه السيد المسيح وهو يقدم لقوى التناقض الاجتماعي اليهودي نهايتها التي كانت خاتمة لمرحلة طويلة لم يستطع فيها الإنسان الإسرائيلي أن يتجرد أو يتخلص من طبع الأنانية والجحود والكفران، ولم يتقبل فيها دعوة من دعوات الحق والعدل، بل كان أسلوب الوشاية والاستغلال والسيطرة والاستعلاء هو أداة الذين يقدرون، وأمل ومطمع الذين لا يقدرون، حتى إذا ما أتيح لهم أن يتمكنوا أو يقدروا ،كانوا كما ضرب لهم السيد المسيح المثل الذي كان فيه صاحب الكرم قد ائتمن مجموعة من الكرّامين، فأكلوا الثمر وقتلوا الوارث ، وأصبحت الضرورة بتغييرهم وإهلاكهم هي المخرج والخلاص‏.‏

وفي قول السيد المسيح‏:‏‏"‏ إن ملكوت الله ينـزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره‏"‏ أكبر تأكيد بأن الميراث المدعي لبني إسرائيل في النبوة والهداية قد انتهى تماما حين رفضت دعوة السيد المسيح وطوردت ‏.‏‏.‏‏.‏ ومن هذا الموقف العظيم الذي أعلن فيه السيد المسيح تجريد بني إسرائيل من كل ما يمكن أن يدعوه دينيا أو تاريخيا بهذا الأسلوب العف العظيم الذي ساقه السيد المسيح ، فإن القوى اليهودية التي رأت في هذا الدين خطرا عليها قد دخلت في معارك صريحة مع الدعوة ومع صاحبها عليه السلام‏.‏

الدعوات إلى الحق والعدل دائما وأبدا في تاريخ الحركات الاجتماعية والدعوات الدينية والإلهية في المجتمعات القائمة على الصراع وعلاقات الاستغلال، مثل مجتمع الجماعات اليهودية المستغلة على ضوء قيم وعلاقاتها الاجتماعية فيما بينها، والمضيعة تحت أسر وسيطرة الدولة الرومانية وصاحبة السيادة المطلقة، كانت تجد دائما بجانب الذين يرون في الدين الجديد أو الدعوة إلى قضية الحق والعدل مخرجا لهم، وأداة في التخلص من جو الظلم والجور والعنف الذي يكبلون به، والمحروق جهدهم وعرقهم في ظله،أولئك الذين تسلبهم الدعوة إلى الحق والعدل كل متكئات استغلالهم وسيطرتهم،ثم تعريهم-في الوقت نفسه-أدوات الدعوة إلى الحق والعدل، من مظاهر نفاقهم وفراغهم وريائهم، ثم قساوة قلوبهم‏.‏

ومن هنا فإنه من بين جماعات بني إسرائيل واليهود قد أدركت قوى الاستغلال اليهودي التي كانت تسيطر عليهم، أن دعوة السيد المسيح تشكل خطرا عليهم فدخلوا معها ومع المؤمنين بها معركة كانت من أشق المعارك التي خاضتها الدعوات إلى الحق والعدل مع قوى التناقض الاجتماعي والاستغلال الطبقي التي كانت دائما تعلن الحرب في وجه الدعاة إلى قضايا الحق والعدل والمساواة، ذلك أن أولئك الذين قال فيهم وعنهم السيد المسيح بأنهم‏"‏ الحيات أولاد الأفاعي‏"‏ وأبان حالهم من الداخل من طوية النفس وسريرتها، ومن الخارج من مظاهر النفاق، والحس المتبلد بأنهم كالقبور المبيضة،خارجها طلاء جميل، وداخلها عظام نخرة، قد ذهبوا صراحة في معركة مكشوفة قوية وعنيفة ضد صاحب الدعوة إلى القيم الجديدة والدين الجديد، ضد السيد المسيح عليه السلام، وكان ذلك على حد الرواية التي تسوقها الأناجيل فيما يرويه‏"‏متى‏"‏ من الإصحاح السادس والعشرين، أنه عقب عدم إمكانية مواجهة قوى التناقض لأصالة دعوة السيد المسيح ونقائها، ثم عجزهم عن أن يقاوموا منهجه وحججه، حين كان يكشف كل يوم عوراتهم وسيئاتهم، ويهدم زيف نفاقهم، إنهم- على حد تعبير متى- قد قرروا أن يضعوا للمعلم ولأسلوب دعوته حدا للتخلص منه، ‏"‏‏.‏‏.‏ حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب لكي يمسكوا ‏"‏يسوع‏"‏ بمكر ويقتلوه ولكنهم قالوا ليس في العيد ، لئلا يكون شغب في الشعب‏.‏‏"‏ ‏[‏ المرجع السابق، صـ338 ، 339، والنص من إنجيل متى، الإصحاح، 26‏(‏3-5‏)‏‏]‏

 

تحليل نفسي للموقف اليهودي ضد المسيح عليه السلام‏:‏

‏"‏لقد عرف القاصي والداني أن الكثيرين ممن تشكل عليهم قيم الدعوة إلى الحق والعدل خطرا، وتهدد مصالحهم أو امتيازاتهم أوتقفل عليهم أبواب التسلق، ومحاولات السيطرة والنفاذ إلى مقدرات الإنسان والحياة بقصد الاستغلال لمتطلبات الحس وحاجة الهوى والمصلحة الخاصة، فإنهم يرفضون تلك الدعوة بكل ما أوتوا من قوة، وما استطاعوا من سبل‏.‏

بعكس الذين يريدون الإصلاح وينشدون الطهر والنقاء، فهؤلاء تكون لهم لهفة وسرعة استجابة‏.‏ وأمر دعوة السيد المسيح التي تنشد الصلاح والخلاص مع اليهود لم تصادف أهلها، حيث حاول المسيح عليه السلام أن يستأنس الخراف الضالة من بني إسرائيل ، لكنه تحرك في مجتمع متعفن التقاليد، جامد العواطف تسيطر عليه الطبقية المستغلة من تجار الحكم، وتجار المال، وتجار الدين، ووسط صراع وتناقضات مجتمع العشارين والمرابين والفريسيين والصدوقيين، وكل هذه القوى التي كانت تسيطر على المجتمع الذي بدأ فيه المعلم العظيم الدعوة والعمل إلى قيم التطهر والنقاء، كان هذا وحده كفيلا بأن يعرضه للمشقة وللمخاطر‏.‏وبأن يقضى عليه وعلى دعوته منذ البداية الأولى فبل أن يشكل خطر الدعوة على الذين تهدد الدعوة امتيازاتهم وتسلبهم أدوات استغلالهم، والذي عرف نفسية اليهود، وخباياهم يدرك هذا المعنى الذي يمكن أن يعجز القلم عن تصويره، والعقل عن تصوره، بل وربما عجز الخيال أيضا عن تخيله، والوهم عن توهمه، لما له من أغوار بعيدة العمق، عميقة البعد، ما يعرفها الإنسان السوى، ولا يتخيلها الإنسان المجرد، لأنها مجردة عن الإنسانية ، قد تجرد صاحبها من كل معنى إنساني أو ديني أو خلقي، بل تدني إلى درك لا ترتضيه البهائم لها، لما أودع الله فيها من صفات، قد يضرب بها المثل في عالم الإنسانية، كما يقال‏:‏ فلان كالكلب في وفائه، وكالأسد في شجاعته، وكالجمل في حلمه، والحمار في صبره‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏الخ

إن هؤلاء اليهود- الذين قام فيهم المسيح عليه السلام بدعوته- فقد عرفوا بالطبع الملتوي، والخلق النهاز،شعب صلب الرقبة، فيهم الغدر والجبن والخيانة فهم ذئاب إذا قدروا، وأرانب إذا خافوا‏.‏

وعليه‏.‏‏.‏ فإن القيم الجديدة التي تمثلها دعوة السيد المسيح بقدرما كانت عمليات رفض لمظاهر الاستغلال الصارخة، فإنها أيضا كانت خطرا على كل عفن ديني، وكل كهانة أخلاقية، وكل جمود على العرف والتقاليد‏.‏

وليس من العجب أو غير المألوف أن خطر الدعوة-أخلاقيا- سري إلى سلطان الدولة الرومانية نفسها في أورشليم ‏"‏القدس‏"‏ وامتدادها ، مهددا النظام الغاشم القائم على القهر والاستعباد، رغم أن الدعوة المسيحية - على حد روايات الأناجيل- لم تتعرض للدولةالرومانية صراحة في ثورة دين ، بهدم أو بناء‏.‏

وأمام كل ما تمثله الدعوة الجديدة على يد معلمها العظيم، فليس غريبا أن تتكتل الجهود، جهود كل قوى التناقض اليهودي الطبقي، ثم تتعاون قوى السلطان الرومانية مع التحالف اليهودي، ويصبح موقف الوالي سلبيا متميعا، كى يكون بالسلبية دون التدخل المباشر من قبل الدولة،وإنما بالتحالف غير المباشر وبالمؤامرة والخداع ، يصبح المجال ميسرا ومهيئا لامكانية التخلص من خطر الداعي الجديد‏.‏

ولقد بذل القوم جميعا في تحالف وارتباط وتآمر جهودا قوية ومضنية في التخلص من المعلم الجديد‏.‏ ‏[‏ التاريخ اليهودي العام، صـ350-352، بتصرف‏.‏‏]‏

‏"‏ولما كانت آيات الأناجيل - وهي في جملتها وتفصيلها- تمثل موقف رفض وسخط بل وحرب لكل ما خلفه مجتمع إسرائيل عبر التاريخ، ولكل ما كان عليه مجتمع إسرائيل في عصر الميلاد، وتقرر علاقتها بشعب إسرائيل خاصة وأنها قد أصبحت- منذ عصر الميلاد- آيات عقيدة لمن آمن من بني إسرائيل بالسيد المسيح أن يقطع كل صلة له ببني إسرائيل وتاريخهم ومعتقداتهم وميراث أخلاقهم وكل ما كانوا عليه في حالة من عقيدة الرفض لكل مظاهر الزيف والنفاق والوثنية متحليا بقيم النقاء الديني والتطهر الروحي الذي دعا إليه المعلم العظيم، فكل هذه الفروق بين تصورهم ومعتقداتهم بين الأمس واليوم على حياة السيد المسيح يجعلهم يرفضون دعوته‏.‏ ‏[‏ اليهودية واليهودية المسيحية للأستاذ الدكتور/ فؤاد حسنين على، معهد البحوث والدراسات العربية، عام 1968م القاهرة‏.‏‏]‏

أيضا ‏.‏‏.‏‏.‏ كما أشرنا من قبل-لقد أرادوا المسيح ملكا وليس نبيا، أرادوه للدنيا ولم يريدوه للدين، ولا للآخرة، أرادوه لإعادة مجدهم وملكهم أرادوه، للمادة لا للروح‏.‏ فلما لم تكن دعوته كذلك ، كان-بالطبع- لا بد وأن يرفضها العنصر الشاذ، والطبع الملتوى، والخلق النهاز، والحيوان المتوحش ، والهمجي الوحشي ‏.‏

ولو كانوا خرافا لاستأنسوا هذه الدعوة، ولذا قرر القوم الثائرون المتمردون الساخطون على تعاليم المعلم ومنهجه، التخلص منه والقضاء عليه، وأمام هذه النهاية المفجعة ابتدأ المعلم العظيم على حد روايات الأناجيل- يحزن ويأسف لأن تكون النهاية هكذا وتمنى في ابتهال صادق وصدق عظيم، صدر من دعوة نبي مع فدائية بطل أيضا، ألا تكون النهاية هكذا على أيدي قاتلى الأنبياء وراجمي المرسلين، وأعتقد يقينا أن الله تعالىقد استجاب دعوته‏.‏ ‏[‏ التاريخ اليهودي العام صـ 352-354، بتصرف‏.‏‏]‏

 

السيد المسيح والمؤامرة اليهودية‏:‏

ما إن أدرك السيد المسيح - عليه السلام- أن قوى الخطيئة ، ابتدأت تطارده في عنف وقسوة، وأنهم يودون النّيل منه قتلا وتعذيبا، وخاصة بعد القرار الخطير الذي اتخذه رئيس الكهنة الذي يدعى‏"‏ قيافا‏"‏ بمطاردة السيد المسيح والإمساك به، حتىقد ظهرت بوادر النهاية لدور المعلم العظيم في مجتمع الخراف الضالة‏.‏

ويبدو أن الإمساك بالسيد المسيح وتنفيذ ما يريد القوم الثائرون عليه الرافضون لدعوته،كان قد أدركها السيد المسيح، وأنهم في العيد الذي كان قد حل واقترب يودون أن يجعلوا التخلص منه في عيدهم، فقالوا فيما يرويه إنجيل ‏"‏متى‏"‏ من الإصحاح السادس العشرين ‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏ ولما أكمل يسوع هذه الأقوال كلها ، قال لتلاميذه تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب‏"‏‏.‏

وعلى ضوء آيات الأناجيل فإن السيد المعلم العظيم قد قصد أن يهيئ النفوس ويشعر القلوب أن القوم جميعا يقبلون على خطر محقق، وأن شيئا غير طبيعي يوشك أن يحل بالجميع، وفي الوقت نفسه كأن السيد المسيح أراد أن يترك سلوة عزاء، ودفقة إيمان من نفسه للجماعات الذين يحيطون به في موقف تضحية، ففي يوم العيد الذي يسمى‏"‏عيد الفطير‏"‏ طلب السيد المسيح من تلاميذه أن يذهبوا ليخبروا واحدا من المؤمنين، بأن المعلم يرغب في قضاء العيد عنده، كي يكون في هذا اللقاء فرصة من أمان يلتقى فيها مع تلاميذه ومريديه، ومن عجب أن قوى الخطيئة التي تتابع السيد المسيح بالمرصاد، كان أمرها قد شاع في أنها تريد التخلص من السيد المسيح، وحول تقرير مثل هذا المعنى الذي يلقى أضواء على هذا الموقف، يقول إنجيل‏"‏متى‏"‏في الاصحاح السادس والعشرين‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏

‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏وفي أول أيام الفطير،تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له‏:‏أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح، فقالوا اذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له‏:‏ المعلم يقول إن وقتي قريب، عندك اصنع الفصح مع تلاميذي ، ففعل التلاميذ كما أمرهم يسوع وأعدوا الفصح‏.‏‏"‏وهنا في هذا اللقاء تتضح جوانب المعجزة ، وتؤدي دورها العظيم في كشف خيوط المؤامرة التي تحاك ضد السيد المسيح، وفي هذا الدور الذي تؤديه المعجزة، تتوعد جميع أطراف المؤامرة وتطلب من جماعات المؤمنين بالمعلم أن يظلوا على إيمانهم، ويرتبطوا به ، وأن يعملوا ما أمكنهم العمل والبذل والتضحية في سبيل إيمانهم ، فيقول‏"‏متى‏"‏‏:‏ ‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏ لما كان المساء اتكأ مع الاثنى عشر ،وفيما يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحدا منكم يسلمني ، فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب، فأجاب وقال الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني،إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان ، كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد فأجاب يهوذا مسلمه وقال هل أنا هو يا سيدي ، قال له أنت قلت‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏

وبهذا فإن السيد المسيح كان على علم تام بكل صنيع المؤامرة والخداع ضده، وبالمعتقد الإنجيلي فإنه يبدو أن دور المعلم كان قد استنفذ المرحلة التي كانت تطلب هذا الدور ولا تتحمل غيره، وبالشكل الذي تعبر الآيات الإنجيلية عنه فإنه يبدو أيضا أن خطر المطاردة لم يجعل من المتيسر أن يفكر التلاميذ في مقاومة قوى التآمر، خاصة وبعد أن كشف السيد المسيح عن بداية خيوط المؤامرة ، حين قال لهم‏:‏ ‏"‏الذي يغمس يده في الصحفة هو يسلمني‏"‏، ولقد كان الحال النفسي الذي عليه السيد المسيح، كما تصوره الأناجيل حين أفصحت صراحة أن بداية النهاية بهذا الشكل الآثم الذي تتكالب عليه قوى الخطيئة- من جماعات اليهود لا يرضيه، بل يغضبه ويؤذيه، فقال ‏"‏متى‏"‏ في الإصحاح السادس والعشرين عن الموقف الذي سبق بداية النهاية المؤلمة-‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ نفسي حزينة جدا حتى الموت، امكثوا هنا واسهروا معي، ثم تقدم قليلا وخر على وجهه، وكان يصلي قائلا‏:‏ يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس‏.‏‏"‏

وأمام هذا المطلب الرهيب من داخل هذا الموقف العميق والتعنيف الذي أدرك فيه المعلم أنه محاصر ممن يودون قتله والتخلص منه فإنه يعبر عن الجانب البشرى والنفسي، ولكن عوامل الإعجاز في المعلم العظيم على ضوء الوحدة الموضوعية لآيات الأناجيل تقول على الفور وتفصح‏"‏‏.‏‏.‏‏.‏ إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت‏"‏‏.‏

ومع كل ذلك أقام مواجها الخطر، فإن السيد المسيح هو الذي قال بالأمر الواضح منفذا للمشيئة‏"‏‏.‏‏.‏هو ذا الذي يسلمني قد اقترب‏"‏‏.‏‏[‏ التاريخ اليهودي العام، صـ 341-344، بتصرف‏.‏‏]‏

 المطاردات اليهودية ضد السيد المسيح‏:‏

ولهذه الحرب الكافرة ضد المسيح- على حد رواية الميراث الديني الذي بين أيدي قارئ الأناجيل وأيدى المؤمنين- أعدوا عدتهم، وعبأوا أنفسهم في معركة كانت- من جانبهم دنسة وملوثة بسلوك الوشاية والوقيعة وأعمال التجسس والقتل، وكان ذلك حين استطاعوا أن ينفذوا إلى صفوف أتباع السيد المسيح ، ويرتبطوا في وقيعة وتجسس بواحد من الأتباع الذين أتيح لهم أن يلازموا السيد المسيح ، وأن يتعرفوا أخباره عن قرب، ولقد جعلوا من أنفسهم ومن صنيع مؤامراتهم ضد صاحب الدعوة كل مسببات الاغراء والاندفاع الأحمق والأهوج في أن يتخلى واحد من غير المؤمنين الصادقين عن سيده ومعلمه إلى الحد الذي بلغ فيه تأثيرهم عليه-كما تعبر الأناجيل- أنه كان يسعى بنفسه لمقابلته القوى المتأمرة كى يعرض عليهم نفسه وخدماته في أن يكون أداة لهم بالإمساك بالسيد المسيح والإيقاع به حتى يتم القضاء عليه‏.‏ ‏[‏ انظر في هذا ‏:‏ الكنز الجليل في تفسير الأناجيل، تأليف الدكتور وليم أدي الأمريكي، الطبعة الأولى، عام 1888م، بتصرف‏.‏ ‏]‏

ولقد كان الحس المتبلد بالطبع والسجية عند جماعات اليهود-والذين كان ‏"‏يهوذا الإسخريوطي‏"‏ واحدا منهم - قويا للغاية، فالرجل لم تصل إلى قلبه أعماق آيات المعلم ولم تنفعل به مشاعره حتى يظل يإيمانه أمام الضغوط وأساليب الإغراء، كباقي الذين تحملوا عبء الإيمان والالتزام به حتى عندما قاومهم السلطان والطواغيت من جماعات اليهود، وحملوا على الأخشاب ونشروا بالمناشير، فذهب بنفسه إلى الذين يطلبون السيد المسيح ليريقوا دمه‏.‏‏!‏‏!‏‏.‏‏.‏‏.‏ذهب واحد من الأثنى عشر الذي يدعى ‏"‏يهوذا الأسخريوطي‏"‏ إلى رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم، فجعلوا له ثلاثين من الفضة ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه‏"‏‏[‏ الإنجيل متى ، إصحاح 26‏(‏14-16‏)‏‏]‏

وهكذا من قديم الزمان‏.‏‏.‏‏.‏فإن الخلق اليهودي وأسلوب التعامل اليهودي يستغل في الفرد الإنسان جوانب من شخصيته قد تكون غير سوية هزيلة أو مريضة أو مترددة، ويضغط عليها بما يشتهي حتى ولو كان صاحب مبادئ، فبالمطاردة والإلحاح قد يأتي صنيعتهم من بين من كانوا من يتصور عنهم أنهم من أصحاب المبادئ، كما أمكن لهم صنع واحد من التلاميذ الذين كانوا حول المعلم العظيم‏.‏ ‏[‏ التاريخ اليهودي العام،صـ 340-341‏.‏‏]‏